للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

جماعة من الصحابة، ولم ينكروا، والأظهر أن يُحْمَلَ النهي على نقلهم بعد دفنهم لغير عذر.

قال المظهر: فيه دلالة على أن الميت لا يُنْقَلُ من الموضع الذي مات فيه، قال الأشرف: هذا كان في الابتداء، أي ابتداءِ أُحدٍ، وأما بعده فلا؛ لِمَا روي أن جابرًا جاء بأبيه عبدِ الله الذي قُتِلَ بأُحد بعد ستة أشهر إلى البقيع، ودفنه بها.

قال الطيبي (١): الظاهر إن دعت الضرورة إلى النقل نُقِلَ، وإلَّا فلا؛ لما روينا عن مالك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن صعصعة أنه بلغه: أن عمرو بنَ الجموح وعبدَ الله بن عمرو الأنصاريين كانا قد حضر (٢) السيل قبرَهما، وكانا في قبر واحد، فَحُفِرَ عنهما، فَوُجِدَا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس، فكان أحدهما قد جُرِحَ، ويده على جرحه، فَدُفِنَ وهو كذلك، فأُمِيْطَت يدُه عن جرحه، ثم أُرْسِلَتْ فرجعت كما كانت، وكان بين أحد وبين الحفر عنهما ست وأربعون سنة.

قلت: وهذا القول هو القول؛ لأنه لا يظن بجابر أنه ينقل بعد النهي عن أن ينقل (٣).

قال ابن الهمام (٤): ولا يُنْبَشُ بعد إهالة التراب لمدة طويلة ولا قصيرة إلَّا لعذر. قال في "التجنيس": والعذر أن يظهر أن الأرض مغصوبة، أو يأخذها شفيع، أو سقط فيه ثوب أو درهم لأحد، واتفقت كلمة المشايخ في امرأة دُفِنَ ابنها وهي غائبة في غير بلدها فلم تصبر، فأرادت نقله: أنه لا يسعها ذلك، فتجويز شواذ بعض المتأخرين لا يُلْتَفَتُ إليه، ولم نعلم خلافًا بين المشايخ في


(١) "شرح الطيبي على المشكاة" (٣/ ٣٨٣)، و"مرقاة المفاتيح" (٤/ ١٨٤).
(٢) كذا في الأصل، وفي "الطيبي"، و"المرقاة": كانا قد حفر السيلُ قبرهما، وكان قبرهما مما يلي السيل، وكانا في قبر واحد، وهما ممن استشهد يوم أحد فحفر عنهما ... إلخ.
(٣) انظر: "مرقاة المفاتيح" (٤/ ١٨٣).
(٤) "فتح القدير" (٢/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>