للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ يُقْعَدَ عَلَى الْقَبْرِ،

===

أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابرًا يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى أن يُقْعَدَ على القبر). قال القاري (١): بالبناء للمفعول، قيل: للتغوط (٢) وللحدث، وقيل: للإحداد، وهو أن يلازم القبر ولا يرجع عنه، وقيل: مطلقًا؛ لأن فيه استخفافًا بحق أخيه المسلم وحرمته.

وقال الطيبي (٣): المراد من القعود هو الجلوس كما هو الظاهر، وقد نهى عنه لما فيه من الاستخفاف بحق أخيه المسلم، وحمله جماعة على قضاء الحاجة، ونسبوه إلى زيد بن ثابت.

والأول هو الصحيح؛ لما أخرجه الطبراني والحاكم عن عمارة بن حزم قال: رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسًا على قبر فقال: "يا صاحب القبر! أنزل عن القبر، لا تؤذي صاحب القبر، ولا يؤذيك". وأخرج سعيد بن منصور، عن ابن مسعود أنه سئل عن الوطء على القبر قال: "كما أكره أذى المؤمن في حياته، فإني أكره أذاه بعد موته".

قال ابن الهمام (٤): وكره الجلوس على القبر ووطؤه، فحينئذ فما يصنعه الناس ممن دفنت أقاربه، ثم دفنت حواليه خلق من وطء تلك القبور إلى أن يصل إلى قبر قريبه مكروه، ويكره النومُ عند القبر وقضاءُ الحاجة، بل أولى، ويكره كل ما لم يعهد من السنَّة، والمعهود منها ليس إلَّا زيارتها والدعاء عندها قائمًا، كما كان يفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخروج إلى البقيع، ويقول: السلام


(١) "مرقاة المفاتيح" (٤/ ١٧٨).
(٢) ويكره الجلوس مطلقًا عند الشافعي وأحمد، وما في بعض الشروح عن أحمد من الإباحة تأباه كتبه، ويجوز عند مالك، والنهي عنده على التغوط، وعندنا: يكره تنزيهًا الجلوسُ، وتحريمًا التغوطُ. "أوجز" (٤/ ٥٣٠، ٥٣١). (ش).
(٣) انظر: "شرح الطيبي على المشكاة" (٣/ ٣٨١).
(٤) "فتح القدير" (٢/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>