للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَيْسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ". [خ ٦٦٥٢، م ١١٠، ت ١٥٤٣، ن ٣٧٧٠، جه ٢٠٩٨، حم ٤/ ٣٣]

===

إني بريء من الإِسلام، فإن كان كاذبًا فهو كما قال، وإن كان صادقًا، فلن يرجع إلى الإِسلام سالمًا"، ولعل المراد به التهديد، والمبالغة في الوعيد، لا الحكم بأنه صار يهوديًّا أو بريئًا من الإِسلام، فكأنه قال: فهو مستحق للعقوبة كاليهودي، نظيره قوله عليه السلام: "من ترك الصلاة فقد كفر".

وهذا النوع من الكلام هل يسمى في عُرف الشرع يمينًا؟ وهل تتعلق الكفارة بالحنث فيه؟ فذهب النخعي والأوزاعي والثوري وأصحاب أبي حنيفة - رضي الله عنهم- وأحمد (١) وإسحاق إلى أنه يمين تجب الكفارة بالحنث فيها. وقال مالك والشافعي وأبو عبيد: إنه ليس بيمين، ولا كفارة فيه، لكن القائل به آثم صدق فيه أو كذب.

قال صاحب "الهداية" (٢): لو قال: إن فعلت كذا فهو يهودي، أو نصراني، أو كافر، يكون يمينًا، فإذا فعله لزمه كفارة يمين، قياسًا على تحريم المباح، فإنه يمين بالنص، قال الله تعالى: {يأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}، ثم قال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (٣).

(ومن قتل نفسه بشيء) أي من آلة القتل (عُذِّب به) أي عُوْقِب بمثله، أو به حقيقة (يوم القيامة، وليس على رجلٍ نذرٌ) أي لا يلزمه (فيما لا يملكه) قال ابن الملك: كأن يقول: إن شفى الله مريضي ففلان حر، وهو ليس في ملكه، وقال الطيبي (٤): لو نذر عتق عبد لا يملكه، أو التضحي بشاة غيره أو نحو ذلك، لم يلزمه الوفاء به، وإن دخل ذلك في ملكه.


(١) على إحدى الروايتين وهو مختار عامة كتب فروعه، واختار الموفق (١٣/ ٤٣٧) الرواية الثانية، وهي موافقة للشافعي ومالك. (ش).
(٢) "الهداية" (١/ ٣١٩).
(٣) سورة التحريم: الآيتان ١، ٢.
(٤) "شرح الطيبي على المشكاة" (٧/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>