للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا تَلَقَّوُا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا الأَسْوَاقَ". [خ ٢١٦٥، م ١٥١٧، ن ٤٤٩٩، جه ٢١٧٩]

===

وخيارهما باق، فيجيء الرجل، فيعرض عليه مثل سلعته، أو أجود منها بمثل الثمن، أو أرخص منه، فيندم المشتري، فيفسخ البيع، فيلحق البائع منه الضرر، فأما ما دام البائعان يتساومان ويترادَّان السلعة ولم يتواجباها بعد، فإنه لا يضيق في ذلك، وقد باع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحلس والقدح ممن يزيد، انتهى.

وقد وقع في "الهداية" (١): "ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن السوم على سوم أخيه", لأن في ذلك إيحاشًا وإضرارًا، وهذا إذا تراضى المتعاقدان على مبلغ ثمن في المساومة، فأما إذا لم يركن أحدهما إلى الآخر فهو بيع من يزيد، ولا بأس به.

(ولا تلقوا السلع) بكسر المهملة وفتح اللام: جمع سلعة: وهي متاع التجارة (حتى يُهبط) بصيغة المجهول (بها الأسواق) والمراد ها هنا المتاع المجلوب الذي يأتي به الركبان إلى البلدة ليبيعوا فيها، وفي استقبالها تضييق على أهل السوق وغدر بالجالبين عادة، فلا ينبغي.

قال الخطابي (٢): وقد كره التلقي جماعة من العلماء، منهم مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق، ولا أعلم أحدًا منهم أفسد البيع، غير أن الشافعي - رحمه الله - أثبت الخيار للبائع قولًا بظاهر الحديث، وأحسبه بمذهب أحمد، ولم يكره أبو حنيفة التلقي، ولا جعل لصاحب السلعة الخيار إذا قدم السوق، وكان أبو سعيد الإصطخري يقول: إنما يكون له الخيار إذا كان المتلقي قد ابتاعه بأقل من الثمن، فإذا ابتاعه بثمن مثله فلا خيار له، قال الشيخ: وهذا قول قد يَخْرُجُ على ما في الفقه.


(١) "الهداية" (٣/ ٥٣).
(٢) "معالم السنن" (٣/ ١٠٩)، وفيه: "قد خرج على معاني الفقه".

<<  <  ج: ص:  >  >>