للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

مالك بن أنس والأوزاعي والليث بن سعد، وهو معنى قول الشافعي، والنهي في هذا عندهم على التحريم.

وقال غيرهم: ليس النهي فيه على التحريم، لكنه من باب المعروف، فإن شح رجل على ماله (١) لم ينتزع من يده، والماء في هذا كغيره من ضروب الأموال لا يصح (٢) إلَّا بطيبة نفسه.

وذهب قوم إلى أنه لا يجوز له منع الماء، ولكن يجب له القيمة على أصحاب المواشي، وشبهوه بمن يضطر إلى طعام رجل، فإن له أكله، وعليه أداء قيمته، ولو لزمه بذل الماء بلا قيمة للزمه بذل الكلأ إذا كان في أرضه بلا قيمة، وللزمه كذلك أن لا يمنع الماء زرع غيره إذا كان قربه زرع لرجل لا يَحيا إلَّا به.

قال الخطابي أيضًا: وأما الماء إذا جمعه صاحبه وهو في صِهريج أو بِرْكة ونحوه، فإن له أن يمنعه، وهو شيء قد حازه على سبيل الاختصاص، لا يشركه فيه غيره، وهو مخالف لماء البئر، ولا يكون له فضل في الغالب، كفضل ماء الآبار، والحديث في منع الفضل دون الأصل، معناه: ما فضل عن حاجته وحاجة عياله ومواشيه وزرعه، والله أعلم.


= البئر لتزايد الماء فيه كل حين، كلما يؤخذ منه الماء ينبع بعد ذلك مثلها، بخلاف الكلأ، فإنه لا ينبت كل حين، فيكون المعنى لا يمنع عن الدخول في أرضه للماء ليمنع به الكلأ.
وأوَّله شيخنا الكَنكَوهي في "الكوكب الدري" (٢/ ٣١٩) بتوجيه آخر، فقال: المنوع من الماء فضله لا كله، بخلاف الكلأ، يعني صاحب البئر مقدم في الماء، فإن فضل عن حاجته لا يمنعه غيره، لكن إن لم يفضل فله المنع، وعلى هذا فمعنى الحديث لا يقل: إن الماء ليس بفاضل عني ليمنع به الكلأ، وفي "هامش البخاري" عن العيني (٩/ ٥٦): قال ابن بطال: لا خلاف بين العلماء أن صاحب الماء أحق بالماء حتى يروى. (ش).
(١) كذا في الأصل، وفي "المعالم": "مائه".
(٢) وفي "المعالم": "لا يحل".

<<  <  ج: ص:  >  >>