للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالرَّأْىِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ, وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ". [حم ١/ ٩٥، دي ٧١٥، ق ١/ ٢٩٢]

===

بالرأي) أي بظاهر الرأي ومجرد العقل دون الرواية والنقل (لكان أسفل الخف) لقربه من الأوساخ (١) والقاذورات (أولى بالمسح من أعلاه) لبعده منها (وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على ظاهر خفيه) (٢)، فهذا صريح في أن الأسفل ليس بممسوح، فالمراد بظاهر خفيه أعلى ظاهرهما.

قال القاري (٣): اعلم أن العقل الكامل تابع للشرع, لأنه عاجز عن إدراك الحكم الإلهية، فعليه التعبد المحض بمقتضى العبودية، وما ضل من ضل من الكفرة والحكماء والمبتدعة وأهل الأهواء إلَّا بمتابعة العقل وترك موافقة النقل، وقد قال أبو حنيفة - رحمه الله -: لو قلت بالرأي لأوجبت الغسل بالبول, لأنه نجس متفق عليه، والوضوء بالمني, لأنه نجس مختلف فيه، ولأعطيت الذكر في الإرث نصف الأنثى لكونها أضعف منه، ويمكن أن يقال: وجه الأولوية أن المقصود من المسح هو الطهارة، ولا شك أن الأسفل (٤) أحوج إلى التطهر، فإنه اجتمع فيه الحدث والخبث، انتهى ملخصًا.


(١) وإن اشتركا في نسبة الحدث. (ش).
(٢) قال الحافظ في "التلخيص" (١/ ٢٥١): إسناده صحيح، وقال في "بلوغ المرام": حسن، كذا في "المنهل" (٢/ ١٤٣). (ش).
(٣) "مرقاة المفاتيح" (٢/ ٨٥).
(٤) ذهب جمع من شُرَّاح الحديث والفقه إلى أن المراد بالأسفل محل الوطء، وحكاه ابن الهمام (١/ ١٣٢) عن "النهاية" عن "المبسوط"، ثم قال: هذا يفيد أن المراد عندهم بالباطن محل الوطء لا ما يلاقي البشرة، ولكن بتقديره لا تظهر أولوية المسح لو كان بالرأي، بل المتبادر من قول علي -رضي الله عنه - ما يلاقي البشرة، لأن الواجب من غسل الرجل ليس لإزالة الخبث بل للحديث، ومحل الوطء من باطن =

<<  <  ج: ص:  >  >>