للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ"، فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا بَكْرِ بْنَ حَزْمٍ فَقَالَ: هَكَذَا حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عن أَبِي هُرَيْرَةَ. [خ ٧٣٥٢، م ١٧١٦، ت ١٣٢٦، ن ٥٣٩٦، جه ٢٣١٤، حم ٤/ ٢٠٤]

===

قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا حكم الحاكم) أي أراد الحكم (فاجتهد (١) فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر، فحدثت به أبا بكر بن حزم)، وهذا قول يزيد بن عبد الله بن الهاد، كما هو مصرح في رواية ابن ماجه (فقال) أبو بكر بن حزم: (هكذا) أي مثل ما حدث أبو قيس عن عمرو بن العاص (حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة).

قال الخطابي (٢): قوله: "إذا حكم فاجتهد فاخطأ فله أجر"، إنما يؤجر المخطئ على اجتهاده في طلب الحق؛ لأن الاجتهاد عبادة، ولا يؤجر على الخطأ، بل يوضع عنه الإثم فقط، وهذا فيمن كان من المجتهدين جامعًا لآلة الاجتهاد، عارفًا بالأصول، عالمًا بوجوه القياس.

فأما من لم يكن محلَّا للاجتهاد، فهو متكلف لا يعذر في الخطأ في الحكم، بل يخاف عليه أعظم الذنب، يدل على صحة ذلك حديثه عن ابن بريدة عن أبيه، وهذا إنما هو في الفروع المحتملة للوجوه المختلفة، دون الأصول التي هي أركان الشريعة، وأمهات الأحكام التي لا تحتمل الوجوه، ولا يدخل فيه التأويل، فأما من أخطأ فيها كان غير معذور في الخطأ، وكان حكمه في ذلك مردودًا.


(١) وأورد عليه بأن فعله الاجتهاد، وهو لا يختلف، فكيف اختلاف الأجر، وأجاب عنه ابن قتيبة في "التأويل" (ص ١٧٠، ١٧١). (ش).
(٢) "معالم السنن" (٤/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>