للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا كَانَ لِلنَبِي - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّةً، وَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ قَوْمٌ، يَعْنِي: التِّرْيَاقَ".

===

حاكيًا من غيره، كما في "الصحيح": "خير كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد" (١)، ويخرج عنه ما قال، لا على قصد الشعر فجاء موزونًا.

(قال أبو داود: هذا كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، وقد رخص فيه قوم، يعني الترياق) هذه العبارة تحتمل معنيين:

أولهما: هذا أي النهي عن الشعر من قبل نفسي، كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - دون أمته، وكان إنشاء الشعر يجوز لهم، فأما النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان حرامًا عليه أن ينشئ شعرًا من قبل نفسه بالقصد، ثم بين أبو داود حكمًا آخر وقال: "وقد رخص فيه قوم" وأظهر مرجع الضمير، فقال: يعني الترياق، فغرضه بذلك أن الترياق مختلف فيه، فالجمهور لا يُجوِّزونه، وبعضهم رخص فيه، ولعل المواد بالبعض المالكية، فإنهم أباحوا لحوم الأفاعي، فرخصوا فيه.

والمعنى الثاني: ما قال ابن رسلان في "شرحه": قال المصنف: هذا الحكم كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة دون أمته، وقد رخص فيه قوم يعني الترياق، قال بعضهم: كما أن إنشاء الشعر من قبل نفسي حرام علي، كذا شرب الترياق، وتعليق التمائم حرامان علي، وأما في حق الأمة فالتمائم وإنشاء الشعر غير حرام، والترياق المتخذ من الأشياء الطاهرة لا بأس به، انتهى.

وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه - رحمه الله -: اعلم أن الثلاثة سواسية في أن حسنها مباح وقبيحها منهي عنه , فإن الترياق لو لم يكن فيه شيء من المحرمات، والشعر لو لم يكن فيه شيء من الألفاظ الممنوعة التلفظ، والتميمة إذا لم يكن فيها شيء من الكفر، ولا في تعليقها اعتقاد بالتأثير كان حلالًا مباحًا لا ضير فيه، وينعكس الحكم بانعكاس أحوالها، فلا أبالي ما أتيت من ذلك؛ لأني آتيه حلالًا مباحًا، وكذلك لا أبالي إن أتيت المحرم من الترياق أن آتي المحرم من السحر والشعر لاستواء الكل في تحريم ما حرم منها, انتهى.


(١) انظر: "صحيح البخاري" (٦١٤٧)، و"صحيح مسلم" (٢٢٥٦)، وفيهما: "أصدق كلمة".

<<  <  ج: ص:  >  >>