للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيَتَوَضَّأُ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ الْمَعِينُ". [ق ٩/ ٣٥١]

===

الشيء بعينه (فيتوضأ) بصيغة المجهول أو المعلوم، أي: يتوضأ بماء، ويجمع ذلك الماء في إناء، (ثم يغتسل منه المعين) بفتح الميم، أي: الذي أصابه العين بأن يصب المعين الماء على رأسه.

وقد اختلف العلماء في العائن، هل يجبر على الوضوء للمعين أم لا؟ واحتج من أوجبه برواية مسلم: "وإذا اغتسلتم فاغسلوا" (١)، قال المازري: والصحيح عندي الوجوب، قال القاضي: في هذا من الفقه أنه ينبغي إذا عرف واحد بالإصابة بالعين أن يجتنب ويحترز منه، وينبغي للإمام أن يمنعه من مداخلة الناس ويأمره بلزوم بيته، فإن كان فقيرًا رزقه ما يكفيه، ويكف أذاه عن الناس، فضرره أشد من ضرر أكل البصل والثوم.

وصفة هذا الوضوء في رواية الإِمام أحمد (٢): عن سهل بن حنيف: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج، وساروا معه نحو مكة، حتى إذا كانوا بِشِعْب الخَرَّارِ من الجحفة، اغتسل سهل بن حنيف، وكان رجلًا أبيض، حَسَنَ الجسَم والجلد، فنظر إليه عامر بن ربيعة أخو بني عدي بن كعب وهو يغتسل، فقال: ما رأيت كاليوم ولا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ، فَلُبِطَ بسهل، (أي صُرع وسقط على الأرض)، فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقيل له: يا رسول الله! هل لك في سهل، والله ما يرفع رأسه وما يفيق، قال: هل تتهمون فيه من أحد؟ قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامرًا، فتغيظ عليه، وقال: علام يقتل (٣) أحدكم أخاه؟ هَلَّا إذا رأيت ما يعجبك بَرَّكْتَ؟ ثم قال له: اغتسل له، فغسل وجهه ويديه، ومرفقيه وركبتيه، وأطراف رجليه، وداخلة (٤) إزاره في قدح، ثم صُبَّ ذلك الماء عليه،


(١) أخرجه مسلم في "صحيحه" (٢١٨٨).
(٢) "مسند أحمد" (٣/ ٤٨٦).
(٣) وهل يجب القصاص على القاتل؟ مختلف فيه، راجع: "فتح الباري" (١٠/ ٢٠٥). (ش).
(٤) واختلف في مصداق داخل الإزار وكيفية غسل ما ذكر على أقوال، بسطت في "العيني". [انظر: "عمدة القاري" (١٤/ ٧٢٠). (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>