للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بمبادئ العلوم العربية على عمّه مولانا الشيخ أنصار علي المرحوم، ثم بعد برهة رجع إلى وطنه، فحضر لدى علماء البلد من أرباب المعرفة والعلوم، ولم يزل يستغرف بحارهم الزاخرة، ويستمطر سحبهم الهطالة إلى أن أُسِّسَت دار العلوم الإِسلامية الفيحاء، بـ "ديوبند" الشهيرة الزهراء في سنة ألف ومائتين وثلاث وثمانين من هجرة مَن له المجد والعلياء، فارتحل إليها مقتبسًا عن أنوار شموسها، ومستضيئًا بأضواء كواكبها وبُدورها.

ثم بعد أشهر لمّا تأسست هذه الكلية التي هي منابع للعلوم ومظاهرها، ومطالع لشموس المعارف ومشارقها، المدرسة العلية "مظاهر العلوم" بـ "سهارنفور"، قصدها مُشَمّرًا عن ساق الجد في تحقيق المسائل وحفظها وإتقان العلوم ووعيها.

ولم يزل يجدُّ في الاستشراق عن كواكبها الدريّة وسياراتها المضيئة حتى أن فرغ مِن سائر الكتب الدرسية، والفنون الآلية العربية، والعلوم العقلية والنقلية، المتوسّطات منها والانتهائية، حينما كان مدار أكثر الإِفاضة ساعتئذٍ على فخر الأكابر والأماثل، قدوة الأماجد والأفاضل، أستاذ الأساتذة، قدوة الأئمة والجهابذة، رئيس العلماء ورأسهم، وإمام أهل التحقيق وأساسهم، مركز دائرة الذكاء والبهاء، وشمس نجوم الأخلاق النبوية والسخاء، صدر المدرِّسين والمحدِّثين، سند المفسّرين والمتكلِّمين، العارف بالله مولانا الشيخ محمد مظهر النانوتوي الحنفي الجشتي القادري النقشبندي السهروردي (١) - قدَّس الله سرّه العزيز- فأخذ عنه الأُمّهات وغيرها من كتب الحديث والتفسير والأصول والفروع، سماع فقه ودراية، ولم يقتنع بسرد الألفاظ ومجرد الرواية, وهو - رحمه الله تعالى- مِن أرشد تلامذة إمام عصره وأوانه، وفريد دهره وزمانه مولانا مملوك علي النانوتوي


(١) المتوفَّى سنة ١٣٠٢ هـ، تقدمت الإشارة إلى ترجمته (ص ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>