السبيلين توجب الوضوء، وقال أصحاب أبي حنيفة- رحمة الله عليه -: خروج الريح من القُبل لا يوجب الوضوء.
قلت: اختلف في الريح الخارجة من قبل المرأة، وذكر الرجل، فلم يذكر حكمهما في ظاهر الرواية, وروي عن محمد - رحمة الله عليه - أنه قال: فيهما الوضوء، وذكر الكرخي- رحمة الله عليه - أنه لا وضوء فيهما إلَّا أن تكون المرأة مفضاة، فيخرج منها ريح منتنة، فيستحب لها الوضوء.
وجه رواية محمد - رحمه الله- أن كل واحد منهما مسلك النجاسة كالدبر، فكانت الريح الخارجة منهما كالخارجة من الدبر، فيكون حدثًا.
ووجه ما ذكره الكرخي - رحمه الله -، أن الريح ليست بحدث في نفسها, لأنها طاهرة، وخروج الطاهر لا يوجب انتقاض الطهارة، وإنما انتقاض الطهارة بما يخرج بخروجها من أجزاء النجس, وموضع الوطء من فرج المرأة ليس بمسلك البول، فالخارج منه من الريح لا يجاوره النجس, وإذا كانت مفضاة فقد صار مسلك البول ومسلك الوطء مسلكًا واحدًا، فيحتمل أن الريح خرجت من مسلك البول، فيستحب لها الوضوء ولا يجب؛ لأن الطهارة الثابتة بيقين لا يحكم بزوالها بالشك، وقيل: إن خروج الريح من الذكر لا يتصور، وإنما هو اختلاج يظنه الإنسان ريحًا، كذا في "البدائع"(١).