للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ عَائِشَةَ "أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَبَّلَهَا وَلَمْ يَتَوَضَّأْ". [ن ١٧٠، ت ٨٦، جه ٥٠٢]

===

(عن عائشة) أم المؤمنين (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبلها ولم يتوضأ) (١)، وهذا الحديث دليل على أن مس الرجل المرأة غير ناقض للوضوء، وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه، إلَّا إذا تباشر الفرجان وانتشرت الآلة وإن لم يُمذ، فقول الشيخين فيه انتقاض الوضوء.

وقال مالك (٢): إن كان المس بشهوة يكون حدثًا، وإن كان بغير شهوة بأن كانت صغيرة أو كانت ذا رحم محرم منه لا يكون حدثًا، وهو أحد قولي الشافعي، وفي قولي يكون حدثًا كيف ما كان بشهوة أو بغير شهوة إذا لمس الأجنبية، احتجاجًا بقوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (٣)، فالآية صرَّحت بأن اللمس من جملة الأحداث الموجبة للوضوء، حيث أوجب به إحدى الطهارتين وهي التيمم، وهو حقيقة في لمس اليد، ويؤيد بقاءه على معناه الحقيقي قراءة {أَوْ لَامَسْتُمُ} فإنها ظاهرة في مجرد اللمس دون جماع.

وقال الآخرون: يجب المصير إلى المجاز وهو أن اللمس مراد به الجماع لوجود القرينة، وهي حديث عائشة - رضي الله عنها - في التقبيل، وحديثها في لمسها لبطن قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولحديثها ولفظه: "بئس ما عدلتمونا بالكلب والحمار، لقد رأيتني ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأنا مضطجعة بينه وبين القبلة، فإذا أراد أن يسجد غمزني فقبضت رجلي" رواه البخاري (٤)، وفي رواية عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: "إذا أراد أن


(١) قال صاحب "الغاية": الحديث ضعيف، لكنه مؤيد بروايات عديدة، ثم ذكرها، وبسط في دلائل الفريقين. (ش).
(٢) وكذا قال مالك في مس الأمرد الجميل، وحكي عن أحمد. كذا قاله الشعراني (١/ ١٤٢). (ش).
(٣) سورة النساء: الآية ٤٣.
(٤) "صحيح البخاري" رقم الحديث (٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>