السَّلِيحِيِّ، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ قَالَتْ:"كُنْتُ يَوْمًا عِنْدَ زينَبَ- امْرَأَةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَصْبغُ ثِيَابًا لَهَا بِمَغْرَةٍ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا رَأَى الْمَغْرَةَ، رَجَعَ، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ زينَبُ، عَلِمَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قدْ كَرِهَ مَا فَعَلَتْ، فَأَخَذَتْ (١) فَغَسَلَتْ ثِيَابَهَا، وَوَارَتْ كُلَّ حُمْرَةٍ، ثُمَّ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجَعَ فَاطَّلَعَ، فَلَمَّا لَمْ يَرَ شَيْئًا دَخَلَ".
===
وقال ابن الأثير: وهو الصحيح، خلافًا لما ضبطه السمعاني بفتح اللام بعد التحتانية، وفي "التقريب": حريث آخره مثلثة مصغر، ابن الأبلج السليحي بفتح المهملة وكسر اللام وسكون الياء بعدها مهملة، شامي مجهول، وقال في "الخلاصة": حريث بن الأبلج السليحي بفتح المهملة وكسر اللام (السليحي) شامي، روى عن أمرة من بني أسد، لها صحبة، وعنه حبيب بن عبيد الرحبي، له عند أبي داود حديث واحد، وقال أبو حاتم: مجهول.
(أن امرأة من بني أسد) لم أقف على اسمها (قالت: كنت يومًا عند زينب -امرأة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نصبغ ثيابًا لها) أي: لزينب (بمَغرة) وهي الطين الأحمر (فبينا نحن كذلك إذ طلع علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى المغرة رجع، فلما رأت ذلك) أي: رجوع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيتها (زينب، علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كره ما فعلت، فأخذت فغسلت ثيابها ووارت) أي: أخفت (كل حمرة، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجع) إليها (فاطلع، فلما لم ير شيئًا دخل).
وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه - رحمه الله - قوله:"فلما رأت ذلك زينب" إلى آخره، وكان ذلك ظنًا منها رضي الله عنها، وإلَّا فمن المعلوم المسلَّم عند كل من أصحاب المذاهب أن الحمرة الخالصة من المعصفر وغيره جائزة للنساء، فكيف يمكن أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - كرهها! والقول: إنه كرهها زهدًا بعيد أيضًا, لأن لون المغرة لا ينافي الزهد، بل الصبغ بها هو عين الزهد،