أخبرني ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: كان أهل الكتاب) أي: اليهود والنصارى (يعني يسدلون أشعارَهم) أي: أشعار رؤوسهم يرسلونها، قال ابن رسلان: والمراد (١) ها هنا عند العلماء إرسالُه على الجبين، واتخاذُه كالقُصَّة، يقال: سدل شعره وثوبه: إذا أرسله، ولم يضمَّ جوانبه.
(وكان المشركون يفرقون رؤوسهم) أي: شعر رؤوسهم (وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر به) استئلافًا لقلوبهم إلى الإِسلام، وموافقة لهم؛ لأنه كان يحتمل أن يكون هذا من دينهم، فيكون من الله سبحانه وتعالى، وأما فعل المشركين فليس فيه احتمال أن يكون من الله سبحانه، وهذا في أول الإِسلام، فلما أظهر الله الإِسلام صرح بمخالفتهم.
(فسدل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناصيته) موافقة لأهل الكتاب (ثُم فَرَقَ) شعره أي فرقتين على مقدم رأسه (بعد) والفرق سنَّة في الشعر؛ لأنه الذي رجع إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، والظاهر أنه بوحي منه تعالى.
٤١٨٩ - (حدثنا يحيى بن خلف، نا عبد الأعلى، عن محمد - يعني ابن إسحاق - قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير،
(١) ونقل مثله النووي عن القاضي عياض في "شرح صحيح مسلم" (٨/ ٩٩).