للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإنْ يَهْلِكُوا فَسَبِيلُ مَنْ هَلَكَ، وَإنْ يَقُمْ لَهُمْ دِينُهُمْ يَقُمْ لَهُمْ سَبْعِينَ عَامًا.

===

(فإن يهلكوا) أي إن اختلفوا بعد ذلك، واستهانوا في أمر الدين، واقترفوا المعاصي (فسبيل من هلك) أي سبيلهم سبيل من هلك من الأمم الماضية الذين زاغوا عن الحق في اختلافهم وزيغِهم عن الحق، ووهنِهم في الدين، وسمى أسبابَ الهلاك، والاشتغالَ بما يؤدي إليه هلاكًا.

وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه - رحمه الله -: قوله: "بخمس وثلاثين إلى آخره"، الظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال قبل وفاته بسنين، ثم في ترديده بين ثلاثة سنين إشارة إلى زيادة مراتب النقصان، ففي خمس وثلاثين يكون الإضرار بالإِسلام أقلَّ ما يكون، ثم يزيد عليه، ثم كذلك، فإذا تمت هذه المدة، فإن هلكوا لم يكونوا على ضلال، بل سبيلهم سبيل من هلك من الصحابة الكبار والخلفاء الراشدين الأخيار، وإن لم يهلكوا بل قام لهم دينهم يقيم سبعين عامًا، وليس المراد به التحديد بل التكثير، أو المعنى لا يكون أقل من ذلك وإن زاد، أو يقال: إن مفهوم العدد غير معتبر، انتهى.

(وإن يَقُمْ لهم دينُهم) أي ملكهم (يقم لهم سبعين عامًا) (١).

قال الخطابي (٢): ويشبه أن يكون أراد به مدة ملك بني أمية، وانتقالَه إلى بني العباس؛ فإنه كان بين استقرار الملك لبني أمية إلى أن ظهرت دعاة الدولة العباسية بخراسان نحوًا (٣) من سبعين سنة.


(١) وفي "حجة الله البالغة" (٢/ ٥٨٣): قوله: "سبعين" ابتداؤها من بدء الهجرة، وانتهاؤها موت معاوية - رضي الله عنه -، وفيه أنه مات في رجب سنة ٦٠ هـ، ويخالفه ما في "إزالة الخفاء" (١/ ٤٨١): أن خمسًا وثلاثين مقتل عثمان، ثم انتشر أمر الخلافة، ثم انتظم الأمر في زمان معاوية، من هذا اليوم إلى انتشار الدولة الأموية سبعون سنة، وبه جزم في موضع آخر. (ش).
(٢) "معالم السنن" (٤/ ٣٤١).
(٣) وأورد عليه بأن ملك بني أمية بقي إلى نحو تسعين سنة، ولا كان الدين بها قائمًا، وأجيب عن الأول بأنها وإن امتدَّت إلى نحو تسعين إلَّا أنه وقع الوهن في آخره، وعن الثاني بأنه ليس المراد من الدين إحكامه ... إلخ. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>