للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فطرته، ثمّ بعد ذلك أسلم، وبقي في المدينة، ووقعت قصته مع ابن عمر - رضي الله عنهما - بأنه وقع بينهما التخاطبُ، فضربه ابن عمر بعصاه، فانتفخ هو حتّى ملأ السكة، ثمّ دخل ابن عمر على حفصة، فقالت: ما تريد إليه؟ ألم تسمع أنه قد قال: "إن أول ما يبعثه على النَّاس غضب يغضبه"، وكذلك قصته مع أبي سعيد الخدري في مصاحَبَتِه إلى مكّة، ومخاطَبَتِه معه حتّى قال أبو سعيد: كدت أن أعذره، ثمّ قال في آخر كلامه: وإني لأعرفه، وأعرف مولده، وأين هو الآن؟ !

ثمّ وقع الاختلاف في موته، قال الخطابي (١): اختلف السلف في أمر ابن صياد بعد كبره، فروي أنه تاب من ذلك القول، ومات بالمدينة، وانهم لما أرادوا الصلاةَ عليه كشفوا وجهَه حتّى يراه النَّاس، وقيل لهم: اشهدوا.

وروى أبو داود بسند صحيح عن جابر: قال: "فقدنا ابنَ صياد يوم الحرة"، ثمّ بعد ذلك حديث تميم الداري الّذي تقدّم، فيه التصريح بأن الدجال غيرُ ابن صياد، والحديث صحيح، وقد قبل رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - بخبره، وأخبر به الناسَ، ثمّ روى بطرق مختلفة، وهذا لا يمكن معه كونُ ابن صياد هو الدجال.

فقال النووي (٢): قال العلماء: قصة ابن صياد مشكلة، وأمره مشتبه، لكنه لا شك أنه دجال من الدجاجلة، والظاهر أن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - لم يُوْحَ إليه في أمره بشيء، وإنّما أوحي إليه بصفات الدجال، وكان في ابن صياد قرائن محتملة، فلذلك كان - صلّى الله عليه وسلم - لا يقطع في أمره بشيء، بل قال لعمر: "لا خيرَ لك في قتله" الحديث.

وأمّا احتجاجاته بأنه مسلم إلى سائر ما ذكر؛ فلا دلالة فيه على دعواه؛ لأن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أخبر عن صفاته وقتَ خروجه آخرَ الزّمان، إلى آخر ما قال.


(١) "معالم السنن" (٤/ ٣٤٩، ٣٥٠).
(٢) شرح صحيح مسلم" (٩/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>