وهو ما روى مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن عمرة؛ عن عائشة -رضي الله عنها - أنها قالت: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يقول:"لا تُقْطَع يد السارق إِلَّا في ربع دينار فصاعدًا"، قيل لهم: كيف تحتجون بهذا وأنتم تزعمون أن مخرمة لم يسمع من أبيه حرفًا فهو مرسل، وأنتم لا تقبلونه؟ وقد أطال الكلام بما في نقله طول لا يسعه المقام.
وقال الكاساني في "البدائع"(١) ولنا ما روى محمّد في "الكتاب" بإسناده عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص عنه - صلّى الله عليه وسلم -: "أنه كان لا يقطع إِلَّا في ثمن مجن"، وهو يومئذ يساوي عشرةَ دراهم. وفي رواية عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -. "لا قطع فيما دون عشرة دراهم".
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -، عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنه قال:"لا تُقطَع اليد إلَا في دينار، أو في عشرة دراهم"، وعن ابن عبّاس - رضي الله عنهما-، عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - أنه قال:"لا يقطع السارق إِلَّا في ثمن المجن"، وكان يقوَّم يومئذ بعشرة دراهم؛ وعن ابن أم أيمن أنه قال:"ما قطِعَتْ يد على عهد رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - إِلَّا في ثمن المجن، وكان يساوي يومئذ عشرة دراهم".
وذكر محمّد في "الأصل": أن سيدنا عمر - رضي الله عنه - أمر بقطع يدِ سارقِ ثوبٍ بلغت قيمته عشرةَ دراهم، فمر به سيدنا عثمان - رضي الله عنه - فقال: إن هذا لا يساوي إِلَّا ثمانية، فَدَرَأَ سيدُنا عمرُ -رضي الله عنه - القطعَ عنه، وعن سيدِنا عمر، وسيدِنا عثمان، وسيدِنا علي، وابنِ مسعود - رضي الله عنهم - مثل مذهبنا، والأصل أن الإجماع انعقد على وجوب القطع في العشرة، وفيما دونه العشرة اختلف العلماء لاختلاف الأحاديث، فوقع الاحتمال في وجوب القطع فلا يجب مع الاحتمال، انتهى.