للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قتيل قتله، وقال آخرون: نزلت في عبد الله بن صوريا، وذلك أنه ارتد بعد إسلامه، وقال آخرون: بل عني بذلك المنافقون.

ثم قال: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: عني بذلك: {لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} قوم من المنافقين، وجائز أن يكون كان ممن دخل في هذه الآية ابن صوريا (١)، وجائز أن يكون غيرهما (٢)، غير أن أثبت شيء روي في ذلك ما ذكرناه من الرواية قبلُ، عن أبي هريرة والبراء بن عازب؛ لأن ذلك عن رجلين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وإذا كان ذلك كذلك كان الصحيحُ من القول فيه أن يقال: عني به عبد الله بن صوريا، وإذا صح ذلك كان تأويلُ الآية: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في جحودِ نبوتك والتكذيب بك أنك لي نبي من الذين قالوا: صدّقنا بك يا محمد أنك لله رسول مبعوث، وعلمنا بذلك يقينًا بوجداننا صفتَكَ في كتابنا، وذلك أن في حديث أبي هريرة أن ابن صوريا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعلمون أنك نبي مرسل، ولكنهم يحسدونك"، فذلك كان من ابن صوريا إيمانًا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفيه، ولم يكن مصدِّقًا لِذلك بقلبه، فقال الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - مُطلِعَه على ضمير [ابن] صوريا، وأنه لم يؤمن بقلبه، يقول: إنه لم يصدِّق قلبُه بأنك لله رسول.

ثم قال (٣) في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ}، أي: ومن كتم حكم الله الذي أنزله في كتابه، وجعله حكمًا بين عباده فأْخفاه، وحكم بغيره، كحكم اليهود في الزانيين (٤) بالتجبيهِ والتحميم، وكتمانهم


(١) وفي "جامع البيان" بعدها: وجائز أن يكون أبو لبابة.
(٢) أي: غير ابن صوريا وأبي لبابة.
(٣) "جامع البيان" (٦/ ٣٠١ - ٣٠٨).
(٤) أي: المحصنين، والتجبيه: تحميمُ وجوه الزانيين وتنكيسُ جِبَاهِهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>