للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِى يَدِهِ دَرَقَةٌ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنِّي لَمْ أَجِدْ لِمَا فَعَلَ هَذَا فِى غُرَّةِ الإِسْلَامِ مَثَلًا إلَّا غَنَمًا وَرَدَتْ فَرُمِيَ أَوَّلُهَا فَنَفَرَ آخِرُهَا, اسْنُنِ الْيَوْمَ وَغَيِّرْ غَدًا, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "خَمْسُونَ فِى فَوْرِنَا هَذَا،

===

السلاح (وفي يده دَرَقَةٌ) أي تُرسٌ (فقال (١): يا رسول الله، إني لم أجد لِمَا فعل هذا) أي مُحَلِّم (في غُرَّة الإِسلام) أي ابتدائه (مثلًا) مفعول لقوله: "لم أجد" (إلَّا غَنَمًا) أي قطيعةً من الغنم (وردتْ) على الماء (فَرُمِي أوَّلُها فَنَفَرَ آخرُها).

ومطابقة المَثَل: بأن المُحلِّمِ قَتلَ رجلًا، فلو لم يقتل وأعطى الدية كأنَّه رمى أول الغنم، فتنفر الناس عن الإِسلام، بأنه لا يقتص ويعطي الديةَ، فينبغي لك أن تقتلَ هذا الأول حتى لا تنفِّر الآخرين.

(اُسْنُنِ اليوم وغَيِّرْ غدًا) (٢)، وهذا أيضًا مَثَل ثانٍ لتأييد الأول، في لو أعطيتَ الديةَ ولم تَقتل القاتلَ يكون نتيجته أن ينفر الناس، فيلزمك أن تغيِّر هذه السُّنَةَ غدًا وتقتل فيكون هذا مشكلًا.

قال الخطابي (٣): قوله: "اُسْنن اليومَ وغيِّرْ غدًا" مثل، يقول: إن لم تقتص منه اليومَ لم يثبت سنتُك غدًا ولم ينفذ حكمُك بعدك، وإن لم تفعلْ ذلك وجد القاتلُ سبيلًا إلى أن يقول مثل هذا القول، أعني قوله: "اسْنُنِ اليومَ وغَيِّرْ غدًا"، فتغير لذلك سنتك، وتبدل أحكامها. انتهى.

والحاصل: أنه أخرج الكلام على الوجه الذي يهيج المخاطب، ويحثه على الإقبال على المطلوب منه، وهو قتل القاتل لما أخذ الدية (٤).

(فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -): لكم (خمسون) إبلًا (في فَوْرِنا هذا) أي في


(١) ذكر في هامش "أبي داود" عدة معاني لقول مكيتل، فارجعْ إليه. (ش).
(٢) وفي "النهاية" (٢/ ٤١٠): "اسنن اليوم وغيِّر غدًا"، أي اعمل بسُنتك التي سنَنْتَها في القصاص، ثم بعد ذلك إذا شئت أن تغيِّر فغيِّر، أي تغيِّر ما سننْت، وقيل: تُغَير: من أخذ الغِيَر، وهي الديَّة.
(٣) "معالم السنن" (٤/ ٤).
(٤) كذا في الأصل، والظاهر: "لا أخذ الدية".

<<  <  ج: ص:  >  >>