للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إنَي لأُعْطِي الرَّجلَ الْعَطَاءَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إليَّ مِنْهُ، مَخَافَةَ أَنْ يُكَبَّ عَلَى وَجْهِهِ". [خ ١٤٧٨، م ١٥٠]

===

ومُحَصل القصة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُوَسِّع العطاء لمن أظهر الإِسلامَ تأَلُّفًا، فلما أعطى الرهطَ وهم من المؤلَّفة وترك جعيلًا وهو من المسلمين مع أن جميعًا سألوه خاطبه سعد في أمره؛ لأنه كان يَرَى أن جعيلًا أحقَّ منهم لِمَا اختبره منه دونهم، ولهذا راجع فيه أكثرَ من مرَّة، فأرشده النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أمرين:

أحدهما: إعلامه بالحكمة في إعطاء أولئك وحِرْمانِ جعيل، مع كونه أحبّ إليه ممن أعطي, لأنه لو تُرِك إعطاء المؤلَّفِ لم يُؤمَن ارتدادُه فيكون من أهل النار.

ثانيهما: إرشادُه إلى التوقُّف عن الثَّناء بالأمر الباطن، دون الثناء بالأمر الظاهر، قاله الحافظ في "الفتح" (١).

(إني لأعطي الرجلَ العطاء، وغيرُه أحبُّ إليَّ منه؛ مخافةَ أن يكبّ على وجهه) أي إن لم يُعط فيَرْتَدُّ فيدخل في النار، ولفظ البخاري: "أن يُكِبَّه الله".

قال الحافظ: هو بفتح أوله وضم الكاف، يقال: أَكبَّ الرجلُ إذا أطرق، وكبَّه غيره إذا قلّبه، وهذا على خلاف القياس؛ لأن الفعل اللازم يتعدَّى بالهمزة، وهذا زيدت عليه الهمزة فقصر، أي عن التعدية.

وقد ذكر البخاري هذا في "كتاب الزكاة" فقال: يقال: أَكبَّ الرجلُ: إذا كان فعله غير واقع على أحد، فإذا وقع الفعل قلت: كَبَّه وكببته، وجاء نظير هذا في أحرُف يسيرة، منها: أَنْسلتُ رِيْشَ الطائر ونسلتُه، وأنزفتُ البحر ونزفتها، وحكى ابن الأعرابي في المتعدي "كبَّه وأكبَّه معًا"، انتهى.


= (١٢٤٣) من قصة عثمان وقوله عليه السلام: "ما أدري ما يفعل بي"، وحقق العيني (٦/ ٢٣): أنه لا يجزم لأحد بالجنة إلا مَنْ نصَّ له. (ش).
(١) "فتح الباري" (١/ ٨٠، ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>