للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْخَضِرُ طُبِعَ كَافِرًا,

===

الخَضِر (١) طُبع كافرًا) أي خُلق على أنه لو عاش يصير كافرًا. كتب مولانا محمَّد يحيي المرحوم: قوله: "طُبع كافرًا"، وكان الكفرُ كامنًا فيه حتى لو بقيَ حيًّا لأظهره، ولا مؤاخذةَ عليه ما دام كامنًا، وذلك كما يربي المرء جرو ذئب مع علمه بما كمن فيه من الافتراس، ولا يؤاخذه على ما كمن فيه، ويعطف عليه ويشربه لبنًا، حتى إذا كبر وافترس شاته وابنه، جَعَلَ يقطع لحمه قطعًا قطعًا، فكذلك في الكفر لا يجازَى ما لم يظهره، ولا معتبو بما يظهره في صغره لعدم اعتداد الشرع بأقواله إذًا، وقد وُلِدَ على ما أقرَّه حين سئل: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ}، فلو مات على الفطرة ولم يظهر كامنه كان غير مأخوذ به، انتهى.

فإن قيل: هذا الحديث مخالف لظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ مَوْلُود يُولَد على الْفِطْرة" الحديث.

قال القاري (٢) في جوابه: ثم قوله: "طُبع كافرًا" أي خُلقَ الغلامُ على أنه يختار الكفر فلا ينافي خبر: "كُلُّ مَولُودٍ على الْفِطْرَة"، إذ المراد بالفطرة استعداد قبول الإِسلام، وهو لا ينافي كونه شقيًّا في جِبِلَّتِه (٣).


(١) واختلف في حياته، أثبته الصوفية، وقال السخاوي: "أخي الخضر لو كان حيًّا لزارني" لا يثبت مرفوعًا، بل مقولة لبعض السلف، وذكر ترجمته أيضًا في "حياة الحيوان" (١/ ٣٣٧ - ٣٤٠)، وقال في "لطائف المِنَن" (١/ ٨٤): بقاؤه مجمع عند الصوفية، انتهى. وكذا في "الفتاوى الحديثية" (ص ٢٤١)، وبسط العيني (١١/ ١٣١، ١٣٣) على أحوال الخَضِر من الاسم والزمان والمكان، وبسط الحافظ في القسم الأوّل من "الإصابة" (١/ ٤٢٨ - ٤٤٧)، وفي"الفتح" (٦/ ٤٣٣، ٤٣٤)، وكذا في هامش "الكوكب" (٤/ ١٩٢)، وهامش "المسلسلات" (ص ١٨٨). (ش).
(٢) "مرقاة المفاتيح" (١/ ٢٨٤).
(٣) فلا ينافي حديث "المشكاة": "مَنُ يُولد كافرًا وَيحيى كافرًا ويموت مؤمنًا"، وبسط صاحب "الجمل" (٣/ ٤٠): بأنه مستثنى من حديث الفطرة، انتهى. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>