للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُلْنَا: وَأَفْضَلُنَا فَضْلًا, وَأَعْظَمُنَا طَوْلًا, فَقَالَ: «قُولُوا بِقَوْلِكُمْ - أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ -, وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ».

===

(قلنا: و) أنتَ (أفضلُنا فضلًا، وأعظَمُنا طَوْلًا، فقال: قولوا بقولكم، أو) شك من الراوي (بعض قولكم).

وقال الخطابي (١): قوله: "أو بعض قولكم" فيه حذف [و] اختصار، ومعناه: دعوا بعض قولكم واتركوه، يريد لكم الاقتصاد (٢) في المقال.

نقل في الحاشية: قال الخطابي: يريد أن السؤدد حقيقة لله عز وجل، أن الخلق كلهم عبيد لله، وإنما منعهم أن يدعوه سيدًا مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا سيد ولد آدم" (٣)، لأنهم قوم حديثو عهد بالإسلام، وكانوا يحسبون أن السيادة بالنبوة هي بأسباب الدنيا، وكان لهم رؤساء يعظمونهم وينقادون لأمرهم.

وقوله: "قولوا بقولكم" يريد [قولوا] يقول أهل دينكم وملتكم، وادعوني نبيًّا ورسولًا كما سمَّاني الله تعالى في كتابه، ولا تسمّوني سيدًا كما تسمون رؤساءكم وعظماءكم، ولا تجعلوني مثلهم، فإني لست كأحدهم، إذ كانوا يَسُودونكم في أسباب الدنيا، وإني أسودكم في النبوة والرسالة.

(ولا يستجرِيَنَّكم الشيطان) معناه لا يتَّخِذَنَّكم جَرِيًّا، والجري الوكيل، ويقال: الأجير، أي لا يستعملَنَّكم الشيطان فيما يريد من التعظيم للمخلوق بمقدار لا يجوز.

وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم في "التقرير": قوله: السيد هو الله، إنما منعهم عنه مع أنه رخص في إطلاق تلك الكلمة هضمًا لنفسه النفيسة، انتهى.

قلت: ويحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - مَنَعَهُم قبل أن يوحى إليه أنه سيد ولد آدم.


(١) "معالم السنن" (٤/ ١١٢).
(٢) وفي "المعالم": يريد بذلك الاقتصار.
(٣) وفي "المشكاة" (٦٢٥٩) برواية البخاري عن عمر -رضي الله عنه -: "أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا أي بلالًا"، وسيأتي في "باب في القيام" قوله عليه الصلاة والسلام: "قوموا إلى سيدكم". (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>