للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَوْلُهُ: «الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا» هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَمْ يَرْوِهِ إِلَاّ يَزِيدُ الدَّالَانِىُّ عَنْ قَتَادَةَ,

===

اضطجع ... إلخ"، فإنه بدل على أن النوم في حد نفسه ليس بناقض للوضوء، فلو كان بنفسه ناقضًا للوضوء، لاستلزم نقض الوضوء في جميع أحواله، ولكن كونه ناقضًا للوضوء مستلزم لاسترخاء المفاصل، واسترخاء المفاصل مظنة لخروج الريح، ولا يدرك خروجه, لأنها حالة عدم الإدراك والشعور، فلهذا أقيم السبب مقام الأصل، كما أقيم السفر مقام الخوف، فالنوم ليس بناقض للوضوء إلَّا في صورة استرخاء المفاصل، فلو نام أحد بحيث لم تسترخ مفاصله لا يكون نومه ناقضًا للوضوء.

واعلم أن جوابه - صلى الله عليه وسلم - هذا جواب على أسلوب الحكيم، فإن ابن عباس -رضي الله عنهما- سأله عن فعله، وكان جوابه أن عيني تنامان ولا ينام قلبي، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - أجابه بما يختص بالأمة، فإن الحكم في الأمة بأسرها هو عدم انتقاض الطهارة بنومهم في السجود وانتقاضها في حالة الاضطجاع، فأجاب بهذا الجواب إظهارًا لمسألة نقض الوضوء، وإبانةً للسائل بما يفيده، ولو أجاب بالاختصاص لم يفد تلك الفائدة، فلهذا اختار هذا الجواب.

(قال أبو داود (١): قوله: الوضوء على من نام مضطجعًا، هو حديث منكر لم يروه إلَّا يزيد الدالاني (٢) عن قتادة)، والحديث المنكر (٣) ما خالف فيه الضعيف الحفاظ المتقنين، وقد مر أن يزيد الدالاني ضعيف عند أكثر


(١) وكذا ضعفه ابن العربي، وقال: هذا قول ابن عباس. (ش) [انظر: "عارضة الأحوذي" ١/ ١٠٣].
(٢) دالان بطن من همدان، ولم يكن هذا منهم، بل كان نازلًا فيهم. "ابن رسلان". (ش).
(٣) وقال ابن رسلان: المنكر، كما قاله الحافظ أبو بكر البرزنجي: ما تفرد به أحد ولا يعرف متنه من غير روايته، أنتهى، قلت: وله شاهد عند البيهقي (١/ ١٢٠) من =

<<  <  ج: ص:  >  >>