نكون في مكاننا ولا نتفرق عن المسجد، وبعضهم فهموا أنه - صلى الله عليه وسلم - يشير إلى أن نكون على حالنا الموجودة من القيام، وبعضهم فهموا أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بالجلوس فرووه كما فهموه، وأما الذي ورد من الجمع من القول والإشارة، فيمكن أن الذين رووا القول فعبروا عن الإشارة بالقول، ويمكن أن يكون - صلى الله عليه وسلم - جمع بين القول والإشارة، فبعضهم سمع القول و [رأى] الإشارة، وبعضهم لم يسمع القول ورأى الإشارة، فهذا وجه الاختلاف فيما بينهم.
(تنبيه): قد تقدم أن الاختلاف الذي وقع في سياق هذا الحديث في أنه - صلى الله عليه وسلم - كبر لافتتاح الصلاة أو لم يكبر، فرواية أبي هريرة كما في روايات "الصحيحين" تدل على أنه لم يكبر، ورواية أبي بكرة هذه التي أخرجها أبو داود، وكذلك رواية أبي هريرة التي أخرجها الدارقطني، وكذلك رواية أنس التي أخرجها الدارقطني من حديث قتادة عن أنس، والرواية المرسلة لعطاء بن يسار التي أخرجها مالك في "الموطأ"، وأبو داود في "سننه"، ومرسل محمد بن سيرين، ومرسل ربيع بن محمد اللذين أخرجهما أبو داود، كلها تدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل في الصلاة وكبر، وأما القوم فلا يدل لفظ من ألفاظ الحديث إلَّا فيما عند الدارقطني من حديث أنس، فإن فيه:"فكبر فكبرنا" على أنهم كبروا ودخلوا في الصلاة، فالظاهر كما أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحرم بالصلاة ولم يدخل فيها ولم يكبر، كذلك القوم لم يدخلوا في الصلاة، فمن قال: في هذا الحديث دلالة على أنه إذا صلى بالقوم وهو جنب وهم لم يعلموا بجنابته، أن صلاتهم ماضية ولا إعادة عليهم، وكذلك ما قالوا: في الحديث دليل على أن افتتاح المأموم صلاته قبل الإِمام لا يبطل صلاته، فكأنه لم يتدبر فيه كل التدبر.