للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الصلاة استفهام بمعنى الخبر أى انتظر ثم هذه الصلاة دون غيركم من الأمم. ويؤيده رواية مسلم إنكم لتنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم. والمعنى أن انتظار هذه الصلاة من بين سائر الصلوات من خصوصياتكم التى خصكم الله تعالى بها فكلما زدتم في الانتظار كان الأجر أكمل لأن الوقت وقت راحة ولأن الذاكرين في الغافلين كالصابرين في الفارّين فالمثوبة على قدر المشقة (وبهذا) يندفع قول ابن حجر إنه لا دليل في الحديث على أفضلية تأخير العشاء لأن ثواب انتظار الصلاة يعمّ كل صلاة

(قوله لولا أن تثقل على أمتي الخ) تثقل بالمثناة الفوقية أى هذه الصلاة وهى رواية مسلم، وفى نسخة لولا أن يثقل بالمثناة التحتية أى التأخير وهي رواية النسائى والمعنى لولا أن يشقّ ويصعب على الأمة تأخير صلاة العشاء للازمت وداومت على صلاتها بالقوم في مثل هذه الساعة التي هي في نهاية ثلث الليل الأول أو بعده (والحديث يدلّ) على أفضلية تأخير العشاء عن أول وقتها (وقد) اختلف العلماء أتقديمها أفضل أم تأخيرها وهما مذهبان مشهوران للسلف وقولان لمالك والشافعى (فذهب) فريق إلى تفضيل التأخير محتجا بهذه الأحاديث المذكورة في الباب (وذهب) فريق إلى تفضيل التقديم محتجا بأن العادة الغالبة لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هى التقديم وإنما أخرها في أوقات يسيرة لبيان الجواز أو لشغل أو لعذر ولو كان تأخيرها أفضل لواظب عليه وإن كان فيه مشقة (وردّ) بأن هذا إنما يتمّ لو لم يكن منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلا مجرّد الفعل لها في ذلك الوقت وهو ممنوع لورود الأقوال كما في حديث أبى هريرة قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "لولا أن أشقّ على أمتى لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه" رواه ابن ماجه والترمذى وصححه (إلى غير) ذلك من الأحاديث التي فيها تنبيه على أفضلية التأخير وعلى أن ترك المواظبة عليه لما فيه من المشقة. وأفعاله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا تعارض هذه الأقوال وأما ما ورد من أفضلية أول الوقت على العموم فهى مخصوصة بأحاديث هذا الباب

(فقه الحديث) والحديث يدلّ بظاهره على أفضلية تأخير صلاة العشاء إلى نحو ثلث الليل وعلى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رحيم بالمؤمنين، وعلى أن الدين يسر لا مشقة فيه

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم والنسائى

(ص) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ، نَا أَبِي، نَا حَرِيزٌ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، يَقُولُ: أَبْقَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ فَتَأَخَّرَ حَتَّى ظَنَّ الظَّانُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ وَالْقَائِلُ مِنَّا يَقُولُ: صَلَّى،

<<  <  ج: ص:  >  >>