للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى عليه وعلى آله وسلم وهي المرادة من قوله تعالى "وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن" قال ابن عباس أمره بعشر خصال ثم عدّهن فلما فعلهنّ قال إني جاعلك للناس إماما ليقتدى بك ويستن بسنتك، وقد أمرت هذه الأمة بمتايعته خصوصا لقوله تعالى "ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا" اهـ

(قوله قص الشارب) أى أحد الخصال العشرة قص الشارب فهو مرفوع على أنه خبر لمبتدإ محذوف أو بدل من عشرة، ويصح أن يقرأ بالجر على البدلية من الفطرة وكذا يقال في المعطوفات، والقص القطع يقال قصصت الشعر قصا من باب قتل قطعته، والشارب الشعر النابت على الشفة العليا، قال العيني يستحب أن يبدأ بالجانب الأيمن وهو مخير بين القص بنفسه وبين أن يولى ذلك غيره لحصول المقصود بخلاف الإبط والعانة، واختلف في حد ما يؤخذ من الشارب. فقال الطحاوي قص الشارب حسن والحلق سنة وهو أحسن من القص وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد لحديث أحفوا الشوارب، وقال ابن القاسم عن مالك إحفاء الشارب عندى مثلة والمراد بالحديث المبالغة في أخذ الشارب حتى يبدو حرف الشفة، وقال أشهب سألت مالكا عمن يحفى شاربه فقال أرى أن يوجع ضربا وقال لمن يحلق شاربه هذه بدعة ظهرت في الناس اهـ وقال النووى المختار في قص الشارب أن يقصه حتى يبدو طرف الشفة ولا يحفه من أصله وأما رواية أحفوا فعناها أزيلوا ما طال على الشفتين، قال ابن دقيق العيد ما أدري هل نقله عن المذهب أو قاله اختيارا منه لمذهب مالك، قلت صرح في شرح المهذب بأن هذا مذهبنا اهـ وقال الأثرم كان أحمد يحفي شاربه إحفاء شديدا ونص على أنه أولى من القص اهـ كلامهم (والحاصل) أن السنة دلت على الأمرين ولا تعارض فإن القص يدل على أخذ البعض والإحفاء يدل على أخذ الكل وكلاهما ثابت فيختار المكلف أيهما شاء فينبغى لمن يريد المحافظة على السنن أن يستعمل هذا مرة وهذا مرة فيكون قد عمل بكل ما ورد، وقد ذهب بعض الحنفية وابن حزم إلى وجوب أخذ الشارب لحديث أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى رواه الستة عن ابن عمر، وحديث من لم يأخذ من شاربه فليس منا رواه أحمد والترمذي والنسائي وصححه عن زيد بن أرقم، أما قول ابن دقيق العيد لا أعلم أحدا قال بوجوب قص الشارب من حيث هو فكأنه لم يقف على ما ذ كر وفى شرح الشرعة لا بأس بترك سباليه وهما طرفا الشارب فعل ذلك عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ اهـ ومحل جواز ترك السبالين ما لم يفحش ذلك

(قوله وإعفاء اللحية) إرسالها وتوفيرها وأصله من عفى الشئ إذا كثر وزاد ومنه قوله تعالى "حتى عفوا" أى كثروا، ويستعمل متعديا بالهمزة وبعدمها يقال أعفيته وعفيته، واللحية بكسر اللام اسم لما نبت على الخدين والذقن وجمعها لحى بكسر اللام وضمها كسدرة وسدر وحلية وحلى والذقن مجتمع لحييه، وقد ورد في إعفاء اللحية أحاديث كثيرة (منها) ما رواه البخارى في صحيحه بسنده عن ابن عمر عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى

<<  <  ج: ص:  >  >>