للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحابة وافقوهما على ذلك فكان إجماعا منهم على أن الغسل ليس شرطا في صحة الصلاة وهو استدلال قوى، وقد نقل الخطابي وغيره الإجماع على أن صلاة الجمعة بدون الغسل مجزئة ولكن حكى الطبرى عن قوم أنهم قالوا بوجوبه ولم يقولوا إنه شرط، بل هو واجب مستقلّ تصح الصلاة بدونه كأن أصله قصد التنظيف وإزالة الروايح الكريهة التي يتأذى بها الحاضرون من الملائكة والناس اهـ كلام الفتح (وعلى الجملة) فقد اختلف أهل العلم في حكم هذا الغسل فحكى وجوبه عن طائفة من السلف وبعض الصحابة كأبى هريرة وعمار بن ياسر ومالك وغيرهم وهو قول الظاهرية وحكاه الخطابى عن الحسن البصرى ومالك. وكلام مالك في الموطأ وأكثر الروايات عنه تردّه (وذهب) جمهور العلماء من السلف والخلف إلى أنه سنة وهو المعروف من مذهب مالك وأصحابه (واحتج) من أوجبه بظواهر الأحاديث الدالة على الوجوب وفى بعضها التصريح بلفظ الوجوب وفى بعضها الأمر به وفى بعضها أنه حق على كل مسلم (واحتج) الجمهور بأحاديث صحيحة (منها) حديث الباب (ومنها) حديث من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل رواه أحمد والأربعة عن سمرة بن جندب فدلّ على اشتراك الغسل والوضوء في أصل الفضيلة وعدم تحتم الغسل وهو حديث حسن مشهور (ومنها) قول عائشة كان الناس أهل عمل ولم يكن لهم كفاءة فكانوا لهم تفل "رائحة كريهة" فقيل لهم لو اغتسلتم يوم الجمعة رواه مسلم وسيأتى نحوه للمصنف وهذا اللفظ يقتضى أنه ليس بواجب لأن تقديره لكان أفضل وأكمل وأيضا فإنما طلب منهم الغسل لأجل تلك الروايح الكريهة لا لوجوبه هذا ولا يخفى ما في الاستدلال بحديث الباب على أن الغسل سنة وقد تقدم أن من قال بوجوب الغسل استدلّ به وهو إنما يردّ على من قال باشتراط الغسل لصحة صلاة الجمعة وهم قوم من الظاهرية (ومنها) حديث من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة الثلاثة أيام أخرجه مسلم من حديث أبى هريرة. ووجه الاستدلال به على الاستحباب أن ذكر الوضوء وما معه مرتبا عليه الثواب المقتضى للصحة يدل على أن الوضوء كاف (قال) ابن حجر في التلخيص إنه من أقوى ما استدلّ به على عدم فرضية الغسل يوم الجمعة (ومنها) حديث أبى سعيد الآتى ووجه دلالته أنه قرنه بما ليس بواجب إجماعا وهو السواك والطيب. فيكون مثلهما (ومنها) حديث أوس الثقفى الآتى ووجه دلالته جعله قرينا للتبكير والمشى والدنوّ من الإمام وليست بواجبة فيكون مثلها (وأجابوا) عن الأحاديث التى صرّح فيها بالأمر بأنها محمولة على الندب والقرينة الصارفة عن الوجوب هذه الأدلة المتعاضدة والجمع بين الأدلة ما أمكن واجب وقد أمكن بهذا. وعن الأحاديث التى صرّح فيها لفظ الوجوب والتي فيها أنه حق على كل مسلم بأن المراد متأكد في حقه كما يقول الرجل لصاحبه حقك واجب

<<  <  ج: ص:  >  >>