للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكريمتين إذا جلس. ارتفاع كل واحدة من الرمانتين عن المجلس نصف ذراع وكان له خمسة أعواد من جوانبه ثلاثة خلف الظهر كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يستند إليها وطولها ذراع وفي كل جانب عود وكان فيه سبع كوى من جوانبه

(واستمرّ) على هذه الهيئة إلى أن زاد فيه مروان ست درجات وذلك حين كتب معاوية إلى مروان وهو على المدينة أن أرسل إليّ بمنبر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فخرج مروان فقلعه وأراد أن يبعث به إلى معاوية فكسفت الشمس حتى أظلمت المدينة وظهرت النجوم نهارًا وأصابتهم ريح شديدة وصار يلقي الرجل الرجل يصكه فلا يعرفه فخرج عليهم مروان فخطبهم وقال يا أهل المدينة إنكم تزعمون أن أمير المؤمنين بعث إلى منبر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأمير المؤمنين أعلم بالله من أن يغير منبر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عما وضعه عليه إنما أمرني أن أكرمه وأرفعه فدعا نجارًا فزاد فيه هذه الزيادة

(وقيل) إن معاوية لما قدم من الشام عام حج حرك المنبر وأراد أن يخرجه إلى الشام فكسفت الشمس يومئذ حتى بدت النجوم فاعتذر معاوية إلى الناس وقال أردت أن أنظر إلى ما تحته وخشيت عليه من الأرضة (واستمرّ المنبر) بهذه الزيادة التي زادها مروان إلى أن احتراق مع المسجد سنة أربع وخمسين وستمائة

(إذا علمت) ما تقدم من أن منبره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان درجتين غير المقعدة تعلم أن ما كان من المنابر على خلاف هذه الهيئة محدث

(قال في المدخل) ومن الأمور التي أحدثت في المساجد اتخاذ هذا المنبر العالي فإنه أخذ من المسجد جزءًا عظيمًا وهو وقف على صلاة المسلمين كفى به أنه لم يكن من فعل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا من فعل الخلفاء بعده وإذا كان كذلك فهو من جملة ما أحدث في المساجد. وفيه تقطيع الصفوف كما هو مشاهد في البلاد ومنبر السنة غير هذا كله كان ثلاث درجات لا غير والثلاث درجات لا تشغل مواضع المصلين

"فإن قيل" بل تشغل ولو موضع واحد "فالجواب" أن هذا مستثني بفعل صاحب الشرع وهو أكمل الحالات وما عداه بدعة لا ضرورة تدعو إليه

"فإن قيل" قد كثر الناس واتسع الجامع فإذا صعد الخطيب على المنبر وهو ثلاث درجات قل أن يسمع الخطيب الجميع أو أكثرهم في الغالب. "فالجواب" أن من كان على منبر عال هو الذي لا يسمعهم لكونه بعيدا عنهم فكأنه في سطح وحده وهذا مشاهد ألا ترى أن الخطيب يخطب على هذا المنبر العالي وكثير من الناس لا يسمعونه وإذا دخل في الصلاة سمعوا قراءته أكثر من خطبته وما ذاك إلا لكونه في الصلاة واقفًا معهم على الأرض وفي حال الخطبة لم يكن معهم كذلك

(وليحذر) أن تفرش السجادة وغيرها على المنبر ودرجه لأنه بدعة إذا لم يأت عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا عن أحد من الخلفاء بعده ولا عن أحد الصحابة ولا السلف وليس بموضع صلاة فهو من الترفه يطلب

<<  <  ج: ص:  >  >>