للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيمن غسل ميتًا فليغتسل حديث صحيح, وقال الذهلي لا أعلم فيه حديثًا ثابتًا, ولو ثبت للزمنا استعامله. وقال ابن المنذر ليس في الباب حديث يثبت, لكن قال الحافظ قد حسنه الترمذي وصححه ابن حبان ورواه الدارقطني بسند رواته موثقون.

وقد صححه أيضًا ابن حزم قال الشافعي في الأم إنما منعني من إيجاب الغسل من غسل الميت أن في إسناده رجلًا لم أقع من معرفه ثبت حديثهُ إلى يومي على ما يقنعني, فإن وجدت من يقنعني من معرفه ثبت حديثه أوجبته وأوجبت الوضوء من مسّ الميت مفضيًا إليه فإنهما في حديث واحد اهـ

ومع هذا فإن الحديث لكثرة طرقه يرتقي إلى درجه الحسن، فإنكار النووي على الترمذي تحسينه غير مسلم. وقال الذهبي هو أقوى من عدة أحاديث احتج بها الفقهاء, وذكر الماوردي أن بعض أصحاب الحديث خرج لهذا الحديث مائه وعشرين طريقًا اهـ.

إذا علمت هذا عرفت أن الظاهر القول باستحباب الغسل لما فيه من الجمع بين الأدلة. قال في النيل بعد أن ذكر الأحاديث الدالة على عدم الغسل من غسل الميت: هذه لا تقصر عن صرف الأمر في حديث أبي هريرة عن معناه الحقيقي هو الوجوب إلى معناه المجازي أعني الاستحباب فيكون القول بذلك هو الحق لما فيه من الجمع بين الأدلة بوجه مستحسن.

وأما قول بعضهم الجمع حاصل بغسل الأيدي فهو غير ظاهر لأن الأمر بالاغتسال لا يتم معناه الحقيقي إلا بغسل جميع البدن. وما وقع من إطلاقه على الضوء في بعض الأحاديث فمجاز لا ينبغي حمل المتنازع فيه عليه. بل الواجب حمله على المعنى الحقيقي الذي هو الأعم الأغلب ولكنه يمكن تأييد هذا القول بقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: فحسبكم أن تغتسلوا أيديكم اهـ

(والحديث) أخرجه أيضًا ابن ماجه مقتصرًا على غسل الميت, وأخرجه أحمد والبزار وابن حبان والترمذي وقال: حديث وقد روي عن أبي هريرة موقوفًا وقال أبو حاتم لا يرفعه الثقات انما هو موقوف وقال البخاري الأشبه أنه موقوف, وأخرجه البيهقي من عدة طرق موقوفًا ومرفوعًا عن أبي هريرة وغيره من الصحابة وقال: الروايات المرفوعة في هذا الباب عن أبي هريرة غير قوية لجهالة بعض رواتها وضعف بعضهم. والصحيح عن أبي هريرة من قوله موقوفًا غير مرفوع

[باب في تقبيل الميت]

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يُقَبِّلُ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ حَتَّى رَأَيْتُ الدُّمُوعَ تَسِيلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>