(قوله دخل فسكبت له وضوءا) أى صبت كبشة لأبي قتادة ماء في الإناء ليتوضأ منه فالتاء للتأنيث ويجوز ضمها للمتكلم. ويؤيده ما في الترمذى والمصابيح قالت فسكبت له
(قوله فشربت منه) أي أرادت الشرب أو شرعت فيه. وفي رواية الترمذى وابن ماجه فجاءت هرّة تشرب
(قوله فأصغى لها الإناء) بصاد مهملة وغين معجمة أى أمال أبو قتادة للهرّة الإناء ليسهل عليها الشرب
(قوله أتعجبين الخ) أى من إمالتي الإناء للهرّة وشربها منه، والمراد أخوّة الإسلام على عادة العرب من أن بعضهم يقول لبعض يا ابن أخى ويا ابن عمى وإن لم يكن عما أو ابن عمّ له في النسب
(قوله نعم) بفتح العين المهملة وكنانة تكسرها وبها قرأ الكسائي وبعضهم يبدلها حاء وبها قرأ ابن مسعود وبعضهم يكسر النون إتباعا لكسرة العين وهي حرف جواب تفيد تقرير ما قبلها من إثبات أو نفي
(قوله إنها ليست بنجس) بفتح النون والجيم مصدر نجس من باب قرح فلذا لم يؤنث كما أنه لم يجمع في قوله تعالى "إنما المشركون نجس" أي أن الهرّة ليست نجسة الذات، ويصح كسر الجيم أى ليست بمتنجسة، وأكثر النسخ المصححة على الأول وعليه المعوّل لأن النجس بالفتح في اصطلاح الفقهاء عين النجاسة وبالكسر المتنجس
(قوله إنها من الطوّافين عليكم) جملة مستأنفة فيها معنى التعليل إشارة إلى أن علة الحكم بعدم نجاسة الهرّة هي الضرورة الناشئة من كثرة دورانها في البيوت ودخولها فيها بحيث يصعب صون الأواني والثياب ونحوهما عنها فجعلها الله تعالى طاهرة رأفة بالعباد ودفعا للحرج، والطوّافين جمع طائف وهو لغة المستدير بالشئ يقال طاف بالشئ يطوف طوفا وطوفانا استدار به ويطلق على الخادم الذى يخدم برفق وعناية، شبهها بالخادم الذى يطوف على مولاه ويدور حوله أخذا من قوله تعالى "ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم" وألحقها بهم حيث إطلق عليها الصيغة الموضوعة للعقلاء لأنها خادمة أيضا فإنها تقتل المؤذيات أو لأن الأجر في مواساتها كالأجر في مواساتهم
(قوله والطوافات) وفي رواية ابن ماجه أو الطوّافات وأو فيها بمعنى الواو وروي الوجهان عن مالك. والحديث يدل على طهارة فم الهرّة وطهارة سؤرها وإليه ذهب مالك والشافعى وأحمد وإسحاق وهو قول أكثر أصحاب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والتابعين وبه قال أبو حنيفة وأصحابه في سؤر الهرّة الأهلية لسقوط حكم النجاسة اتفاقا بعلة الطواف المنصوص عليها في الحديث غير أن الإمام ومحمدا قالا يكره تنزيها استعمال سؤرها عند وجود غيره لأنها لا تتحامى النجاسة أما إذا علم نجاسته كأن ولغت عقب أكلها نحو فأر فهو نجس وإذا علم طهارته كأن ولغت في الإناء بعد شربها من ماء كثير فلا كراهة في سؤرها وعلى هذا يحمل إصغاء النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الإناء لها، وحديث عائشة في الباب الآتي نص في طهارة سؤر الهرّة