للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتى" وفى أخرى له "ما أحد أحق به من أهلى، ما أحد أحوج إليه منى" وفى أخرى له "والله ما لعيالى من طعام" وفى حديث ابن خزيمة عن عائشة "ما لنا عشاء ليلة" ومراد الرجل بذلك أنه لم يكن فى المدينة أحوج منه، وكأنه فهم الإذن له بالتصدّق على من يتصف بالفقر كما صرح بذلك فى رواية البزار والطبرانى فى الأوسط عن ابن عمر وفيها: إلى من أدفعه؟ فقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى أفقر من تعلم

(قوله فضحك رسول الله) الضحك ما فوق التبسم. وقد ورد أنّ ضحكه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان تبسما فى غالب أحواله. وسبب ضحكه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما رآه من تباين حال الرجل حيث جاء هالكا محترقا خائفا على نفسه راغبا فى فدائها، فلما وجد الرخصة طمع أن يأكل ما أعطيه فى الكفارة، ويحتمل أنّ ضحكه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ناشئ من حال الرجل فى مقاطع كلامه وحسن تأنيه وتلطفه فى الخطاب وحسن توسله فى توصله إلى مقصوده

(قوله حتى بدت ثناياه) لعلّ الصواب أنيابه كما فى رواية البخارى ورواية مسدد المشار إليها فى آخر الحديث، فإن الثنايا تظهر عند التبسم غالبا، والمتبادر من السياق إرادة الزيادة على التبسم. والثنايا جمع ثنية وهى أربع فى مقدم الفم: ثنتان من أعلى وثنتان من أسفل

(قوله قال فأطعمه إياهم) وفى رواية البخارى أطعمه أهلك. وللبخارى أيضا من رواية ابن إسحاق خذها وكلها وأنفقها على عيالك (وفى الحديث دلالة) على وجوب الكفارة على من جامع فى نهار رمضان عامدا. وهو قول عامة العلماء إلا ما حكى عن الشعبى وسعيد بن جبير والنخعى وقتادة، فإنهم قالوا عليه القضاء ولا كفارة. لكن حديث الباب وأشباهه حجة عليهم. قال الخطابى: يشبه أن يكون حديث أبى هريرة لم يبلغهم اهـ والدليل على أنه كان عامدا قوله فى حديث الباب هلكت (وأما المجامع ناسيا) فلا يفطر ولا كفارة عليه. وهو قول الجمهور ومشهور قولى مالك لمفهوم حديث الباب. ولأنّ الجماع نسيانا فى معنى الأكل والشرب نسيانا. ولا كفارة فيهما كما سيأتى بيانه فى بابه إن شاء الله تعالى. وقال أحمد يفطر وعليه الكفارة. وقال عطاء والأوزاعى وربيعة والثورى يجب القضاء ولا كفارة عليه. واختلف قول أصحاب مالك فيه. فقال نافع وابن الماجشون عليه الكفارة. وقال غيرهما لا كفارة عليه (وأجمعوا على) أنّ من وطئ فى رمضان ثم وطئ فى يوم آخر أنّ عليه كفارة أخرى إن كفر اليوم الأول، وإلا ففيه خلاف: فقال أبو حنيفة عليه كفارة واحدة. وقال مالك والشافعى وأحمد عليه كفارتان (وأجمعوا) أيضا على أنّ من جامع ثانيا فى يوم واحد قبل التكفير عن الأول يلزمه كفارة واحدة. وإن كفر عن الأول ثم جامع فقال أحمد عليه كفارة ثانية. وقال أبو حنيفة ومالك والشافعى لا كفارة عليه (وظاهر الحديث) أنّ الكفارة تكون بأحد الخصال الثلاثة على الترتيب لأنّ النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>