للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرنا رسول الله) أى أمرنا أن لا نعتمد على رؤية غيرنا ولا نكتفى بها بل لا نعتمد إلا على رؤية أهل بلدنا. وهذا ما تشير إليه ترجمة النسائى "اختلاف أهل الآفاق فى الرؤية" والترمذى "باب ما جاء لكل أهل بلد رؤيتهم" والنووى فى شرح مسلم "باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم" وهذا هو المتبادر: وإلى ظاهر الحديث ذهب ابن عباس والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعكرمة وإسحاق بن راهوية واختاره الشافعية وصاحب التجريد وغيره من الحنفية. وقال الترمذى والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن لكل أهل بلد رؤيتهم اهـ وهو الأشبة لأن كل قوم يخاطبون برؤيتهم الهلال فلا يصوم المصرى برؤية المكى مثلا، ولا المغربى برؤية المصرى. وذهب قوم إلى أن اختلاف المطالع لا يعتبر فمتى رآه أهل بلد لزم أهل البلاد كلهم اعتبار تلك الرؤية والعمل على مقتضاها فيلزم أهل مصر برؤية اهل مكة وبالعكس, وهو ظاهر مذهب أبى حنيفة وأصحابه ومالك وأحمد والليث وحكى عن الشافعى مستدلين بعموم الخطاب فى قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" رواه الترمذى والنسائى والدارمى من حديث أبى هريرة، وبحديث "لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين" رواه الشيخان عن ابن عمر وتقدم نحوه للمصنف فى "باب الشهر يكون تسعة وعشرين" وهذا لا يختص بأهل ناحية بل هو خطاب لكل من يصلح له من المسلمين. فالاستدلال به على لزوم رؤية أهل بلد لغيرهم من أهل البلاد أظهر من الاستدلال به علي عدم اللزوم لأنه إذا رآه أهل بلد فقد رآه المسلمون فيلزم غيرهم ما لزمهم. أفاده فى النيل. وقال أهل هذا المذهب إنما يلزم الصيام من لم يروا برؤية غيرهم إذا ثبت عندهم رؤية أولئك بطريق شرعى موجب للصيام كان يشهد اثنان فأكثر أن قاضى بلد كذا شهد عنده اثنان برؤية الهلال فى ليلة كذا وقضى بشهادتهما فلهذا القاضى أن يحكم بشهادتما لأن قضاء القاضى حجة وقد شهدوا به "أما لو أخبر" جماعة أن أهل بلد كذا رأوا هلال رمضان ليلة كذا فصاموا، وهذا يوم الثلاثين بحسابهم "لا يباح" لمن أخبروا بذلك فطر غد لأن أولئك الجماعة لم يشهدوا بالرؤية "وأجابوا" عن حديث الباب بأن الاشارة فى قوله هكذا يحتمل أن يراد بها أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمرنا أن لا نقبل شهادة الواحد فى حالة الإفطار، وبأنه خبر واحد ليس فيه لفظ الشهادة. وعلى فرض وجوده فهو واحد والشهادة لا تثبت بواحد. وأيضا فإن الحجة إنما هى فى المرفوع من رواية ابن عباس لا فى اجتهاده. والمشار إليه بقوله "هكذا أمرنا رسول الله" هو قوله فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين. والأمر الثابت عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم هو ما رواه عكرمة عن ابن عباس أن النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: لا تصوموا حتى تروه ثم صوموا حتى تروه

<<  <  ج: ص:  >  >>