للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترك ذلك لئلا يقتدى به فيشق على الأمة وإن كان قد أعطى من القوّة ما لو التزم ذلك لقدر عليه. لكنه سلك من العبادة الطريقة الوسطى. فصام وأفطر وقام ونام (وقال الخطابى) قوله وددت أنى أطقت ذلك يحتمل أن يكون إنما خاف العجز عن ذلك للحقوق التى تلزمه لنسائه لأن ذلك يخل بحظوظهن منه لا لضعف جبلته عن احتمال الصيام أو قلة صبره عن الطعام فى هذه المدة اهـ كيف وقد تقدم أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يواصل ويقول: لست كأحدكم فإنى أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى

(قوله ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان الخ) ثلاث مبتدأ خبره جملة قوله هذا صيام الدهر (قيل والقياس) صرف رمضان هنا لأنه جزء علم وهو شهر رمضان. والمعنى "أن صيام ثلاثة من كل شهر" البيض أو غيرها, وصيام رمضان من كل سنة حال كونه منتهيا بصيامه إلى رمضان الآخر بحيث لا يبقى من رمضان الفائت شئ بدون صيام "ثوابه كثواب صيام الدهر" أى من غير مضاعفة, لأن الحسنة بعشر أمثالها, وهذا ظاهر بالنسبة لغير رمضان, وأما رمضان فلا بد من صيامه كله, ولا يكفى عنه صيام ثلاثة أيام, فذكره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم, لدفع توهم دخوله فى الكلية المذكورة فى الحديث. ويحتمل أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر كصيام الدهر, وصيام رمضان وحده كصيام الدهر أيضا: أما الأولى فإن من صام ثلاثة أيام من كل شهر من شهور السنة فكأنما صام السنة لأن الحسنة بعشر أمثالها. وأما صيام رمضان فمن حيث كونه صوم فرض يزيد على النفل عشر درجات فأكثر, فيكون صيامه مساويا لصيام الدهر بل قد يكون أزيد منه: ويحتمل أن يكون رمضان مع ستة من شوال كصيام الدهر كما يأتى فى "باب فى صوم ستة أيام من شوال" فيكون صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أخبر أولا بأن صيام رمضان مع ست من شوال كصيام الدهر ثم أخبر بأن صيام رمضان فقط كصيام الدهر فى الثواب

(قوله وصيام عرفة إنى أحتسب على الله الخ) يعنى أرجو من الله تعالى أن يكفر بصيامه ذنوب السنة الماضية ويحول بين صائمه وبين الذنب فى السنة الآتية. وفى النهاية الاحتساب فى الأعمال الصالحة هو المبادرة إلى طلب الأجر وتحصيله واستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المشروع فيها طلبا للثواب المرجو منها اهـ وقال الطيبى: الأصل أن يقال أرجو من الله أن يكفر. فوضع موضعه أحتسب وعداه بعلى التى للوجوب مبالغة فى حصول الثواب. والمكفر الذنوب الصغائر كما عليه أكثر أهل العلم. أما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة أو غفران الله تعالى, فإن لم يكن له صغائر فيخفف عنه من الكبائر إن كانت وإلا فترفع درجاته (وأخذ جماعة) بظاهر الحديث فقالوا تكفر الذنوب مطلقا. وتقدم نحو هذا غير مرة (وفيه) الترغيب فى صوم يوم عرفة. لكن لغير الحاج كما يأتى بيانه فى بابه إن شاء الله تعالى. وكذا صوم يوم عاشوراء

(الفقه) دل الحديث على جواز الغضب عند سماع ما لا ينبغى. وعلى أنه ينبغى لمن كان حاضرا

<<  <  ج: ص:  >  >>