للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى آله وسلم لأصحابه اخرصوا. وخرص رسول الله صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عشرة أوسق (الحديث)

واختلف في حكمه وفيم يكون: فذهب مالك وأصحابه إلى وجوبه في العنب والرطب فقط وهو قول شريح وأبي جعفر وبعض أهل الظاهر وقول للشافعي. وقالت الشافعية والحنابلة يسن فيهما لا في غيرهما. واستدل هؤلاء بحديث الباب والذي قبله. قال في النيل: قيل ويقاس علي الرطب والعنب غيرهما مما يمكن ضبطه بالخرص. واختلف في خرص الزرع فأجازه للمصلحة الإِمام يحيى اهـ ببعض تصرف:

لكن الراجح قصر الخرص على العنب والتمر وقوفًا مع النص.

وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يجوز الخرص لأنه ظن وتخمين ولحديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الخرص وقال: أرأيتم إن هلك التمر أيحب أحدكم أن يأكل. مال أخيه بالباطل؟ رواه الطحاوي

(وأجابوا) عن حديث الباب ونحوه بأنه كان قبل تحريم الربا ثم نسخ. ودعوى أن تحريم الربا متقدم على الخرص غير مسلم. فإن تحريم الربا إنما كان في حجة الوداع كما في حديث جابر الطويل الآتي للمصنف في "باب صفة حج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وعلى فرض عدم النسخ فالخرص إنما كان تخويفًا للأكرة لئلا يخونوا. فان فعل لذلك فلا بأس والأكرة بفتحات جميع أكار وهو من يزرع الأرض. وحكي عن الشعبي أن الخرص بدعة

(وأجيب) بأن العمل بالخرص بقي طول حياته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وعمل به أبو بكر وعمر في زمانهما. فقد روى الحاكم من طريق حماد عن زيد عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بعثه إلى خرص التمر وقال: إذا أتيت أرضًا فاخرصها ودع لهم قدر ما يأكلون. قال الخطابي وعامة الصحابة على تجويزه والعمل به ولم يذكر عن أحد منهم خلاف اهـ

وقال الحافظ ابن القيم في إعلام الموقعين: المثال التاسع والعشرون رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في خرص الثمار في الزكاة والعرايا وغيرها إذا بدا صلاحها. ثم ذكر أحاديث الخرص وقال: ادّعى جماعة رد هذه السنن كلها بقوله تعالى {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} قالوا والخرص من باب القمار والميسر فيكون تحريمه ناسخًا لهذه الآثار, وهذا من أبطل الباطل. فإن الفرق بين القمار والميسر والخرص المشروع كالفرق بين البيع والربا والميتة والمذكاة. وقد نزه الله رسوله وأصحابه عن تعاطي القمار وعن شرعه وإدخاله في الدين. ويالله العجب أكان المسلمون يقامرون إلى زمن خيبر؟ ثم استمروا على ذلك إلى عهد الخلفاء الراشدين ثم انقضى عصر الصحابة وعصر التابعين على القمار ولا يعرفون أن الخرص قمار حتى بينه بعض فقهاء الكوفة. هذا والله الباطل حقًا والله الموفق للصواب اهـ ببعض تصرف

وقولهم إن الخرص كان تخويفًا للأكرة دعوى لا دليل عليها بل يردها حديث الباب السابق. ومن هذا تعلم أن الراجح. القول

<<  <  ج: ص:  >  >>