للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجاز البين الشائع فالحق سلوكه من غير توقف أو من المجاز البعيد الشاذ فالحق تركه، وإن استوى، الأمران فالاختلاف في جوازه وعدمه مسألة فقهية اجتهادية والأمر فيها ليس بالخطر بالنسبة للفريقين قلت التوقف فيها لعدم ترجيح أحد الجانبين مع أن التوقف مؤيد بقول السلف ومنهم الإِمام الأعظم اهـ كلام صاحب المرقاة ببعض تصوف، ومما تقدم تعلم

(أولا) بطلان كلام من احتج

بهذا الحديث على أن لله تعالى جهة لأن القول بالجهة يؤدي إلى تحيز وإحاطة وهما من صفات الحوادث تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا

(وثانيًا) بطلان دعوى من حمل الحديث على ظاهره وحقيقته وهم المشبهة تعالى الله عن قولهم علوا كبيرًا (١)

(قوله حين يبقى ثلث الليل الآخر) بكسر الخاء المعجمة مرفوع على أنه صفة لثلث. وقد روى هذا الحديث من عدة أوجه عن أبي هريرة وغيره ورواية المصنف أصح الروايات. وفي رواية للترمذي ومسلم من طريق أبي صالح عن أبي هريرة ينزل الله إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول، وفي رواية ابن ماجه من طريق عطاء بن يسار عن رفاعة الجهني إن الله يمهل حتى إذا ذهب من الليل نصفه أو ثلثاه وفي رواية لمسلم عن طريق ابن مرجانة عن أبي هريرة مرفوعًا ينزل الله تعالى في السماء الدنيا لشطر الليل أولثلث الليل الآخر الخ. وفي رواية الدارقطني من طريق يحيى بن أبي كثير عن عقبة بن عامر قال قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا مضى ثلث الليل أو قال نصف الليل ينزل الله عَزَّ وَجَلَّ إلى السماء الدنيا الخ، وفي رواية عن أبي سلمة عن أبي هريرة حين يبقى ثلث الليل الآخر. وفي رواية عند النسائي في عمل اليوم والليلة عن جبير بن مطعم أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إن الله ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا. ويجمع بين هذه الروايات بأن المطلق منها محمول على المقيد، والمقيد المختلف يحمل على اختلاف الأحوال، فإن أوقات الليل تختلف في الزمان والأوقات باختلاف تقديم دخول الليل عند قوم وتأخره عند آخرين. وقيل يحمل على أن النزول يتكرر عند الثلث الأول والنصف والثلث الآخر. ووجه تخصيص النزول بالثلث الآخر الذي كثرت روايته ورجحه الترمذي وغيره واقتصر عليه المصنف أنه وقت التعرض لنفحات رحمة الله تعالى وأنه زمان عبادة أهل الإخلاص الذين خصهم الله بالمدح في قوله (وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)

(قوله من يدعوني فأستجيب له الخ) بالنصب بأن مضمرة بعد الفاء الواقعة في جواب من، وبالرفع على الاستئناف أي فأنا أجيب دعاءه، وكذا قوله فأعطيه وأغفر له. وقد قرئَ بالوجهين في قوله تعالى {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ}


(١) ومن أراد زيادة البيان والوقوف علي عقيدة أهل الإيمان في آيات وأحاديث الصفات فليقرأ كتاب المؤلف رحمه الله "إتحاف الكائنات ببيان مذهب الخلف والسلف في المتشابهات" فإنه كتاب فريد في بابه لم يترك لأحد عذرًا في تفريطه بعدم معرفة ما تصح به عقيدته جزى الله مؤلفه أحسن الجزاء

<<  <  ج: ص:  >  >>