اللفظ لتركه النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في عمره ولو مرّة واحدة لبيان الجواز فحيث لم ينقل أحد عنه قط أنه عدل عنه حتى فارق الدنيا دلّ على أن الصلاة لا تنعقد بغيره (الخامسة) أنه لو قام غيره مقامه لجاز أن يقوم غير كلمات الأذان مقامها وأن يقول المؤذن كبرت الله أو الله الكبير أو الله أعظم ونحوه بل تعين لفظة الله أكبر في الصلاة أعظم من تعينها في الأذان لأن كل مسلم لابدّ له منها وأما الأذان فقد يكون في المصر مؤذن واحد أو اثنان والأمر بالتكبير في الصلاة آكد من الأمر بالتكبير في الأذان. وأما حجة أصحاب الشافعى على ترادف الله أكبر والله الأكبر فجوابها أنهما ليسا بمترادفين فإن الألف واللام اشتملت على زيادة في اللفظ ونقص في المعنى، وبيانه أن أفعل التفضيل إذا نكر وأطلق يتضمن من عموم المفضل عليه وإطلاقه ما لم يتضمن المعرّف فإذا قيل الله أكبر لكان معناه أكبر من كل شئ وأما أذا قيل الله الأكبر فإنه يتقيد معناه ويتخصص ولا يستعمل هذا إلا في مفضل معين على مفضل عليه معين كما إذا قيل من أفضل أزيد أم عمرو فيقال زيد الأفضل هذا هو المعروف في اللغة والاستعمال فإن من لا يمكن أن يؤتى بها مع اللام وأما بدون اللام فيؤتى بها فإذا حذف المفضل عليه مع من أفاد التعميم وهذا لا يتأتى مع اللام وهذا المعنى مطلوب من القائل الله أكبر بدليل ما روى الترمذى من حديث عدى بن حاتم الطويل أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال له ما يضرك أيضرك أن يقال الله أكبر فهل تعلم شيئا أكبر من الله، وهذا مطابق لقوله تعالى "قل أى شئ أكبر شهادة" وهذا يقتضى جوابا هو لا شئ أكبر شهادة من الله فالله أكبر شهادة من كل شئ كما أن قوله لعدىّ هل تعلم شيئا أكبر من الله يقتضى جوابا هو لا شئ أكبر من الله فالله أكبر من كل شئ، وفي افتتاح الصلاة بهذا اللفظ المقصود منه استحضار هذا المعنى وتصوره سرّ عظيم يعرفه أهل الحضور المصلون بقلوبهم وأبدانهم فإن العبد إذا وقف بين يدى الله عزّ وجلّ وقد علم أنه لا شيء أكبر منه وتحقق قلبه ذلك وأشربه سرّه استحيا من الله وكبريائه أن يشتغل قلبه بغيره وما لم يستحضر هذا المعنى فهو واقف بين يديه بجسمه وقلبه يهيم في أودية الوساوس والخطرات والله المستعان، ولو كان الله أكبر من كل شئ في قلب هذا لما اشتغل عنه وصرف كلية قلبه إلى غيره كما أن الواقف بين يدى الملك المخلوق لما لم يكن في قلبه أعظم منه لم يشتغل قلبه بغيره ولم يصرفه عنه اهـ (أقول) ما ذكر من أن حديث الباب ونحوه حجة على أبي حنيفة غير مسلم بل هو حجة له لأنه حديث آحاد لا تثبت به الفرضية بل الوجوب وبه يقول (وحاصل) مذهب الحنفية أن التحريمة شرط لصحة الصلاة عندهم لقوله تعالى (وربك فكبر) أجمع المفسرون على أن المراد به تكبيرة الإحرام وعليه انعقد الإجماع وقال تعالى (وذكر اسم ربه فصلى) والمراد ذكر اسم الرب لافتتاح الصلاة لأنه عقب الذكر بالصلاة بحرف