للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سار منها إلى عرفات ثم دفع منها حين غربت الشمس حتى أتى المزدلفة فبات بها ليلتئذ حتى أصبح ثم دفع منها حتى أتى منى فقضى بها نسكه تم أفاض إلى مكة فقضى بها طوافه ثم رجع إلى مني فأقام بها ثلاثًا يقصر ثم نفر منها فنزل بالمحصب فأذن في أصحابه بالرحيل وخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح ثم خرج إلى المدينة فلم يقم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في موضع واحد أربعًا يقصر اهـ

وحديث أنس لا ينافي الروايات السابقة لأنها كانت في فتح مكة وهو كان في حجة الوداع

(وبالحديث) احتج الشافعي على أن المسافر إذا نوى إقامة أقل من أربعة أيام سوى يومي الدخول والخروج قصر الصلاة. وبه قال أبو ثور وابن المسيب وهو رواية عن أحمد. أما إذا نوى إقامة أربعة أيام فأكثر غير يومي الدخول والخروج فإنه يتم مستدلين بما رواه مالك عن عطاء الخراساني أنه سمع سعيد بن المسيب. قال من أجمع على إقامة أربع ليال وهو مسافر أتم الصلاة قال مالك وذلك أحب ما سمعت إلي وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم عندنا.

وبما رواه البخاري ومسلم والبيهقي من حديث السائب بن يزيد أنه سمع العلاء بن الحضرمي يقول قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يمكث المهاجر بعد قضاء نسكة ثلاثًا. وبما رواه مالك والبيهقي عن نافع عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر ضرب لليهود والنصارى والمجوس بالمدينة إقامة ثلاث ليال يتسوّقون بها ويقضون حوائجهم ولا يقيم أحد منهم فوق ثلاث ليال.

ووجه الدلالة أنه جعل الثلاثة في حكم المسافر وما زاد في حكم الإقامة.

وبه قالت المالكية إلا أنهم لم يستثنوا يومي الدخول والخروج بل المعتبر عنهم نية إقامة أربعة أيام صحاح.

واعتبر سحنون عشرين صلاة ولو من أيام ملفقة (وقال) ابن عمر وأبو حنيفة والثوري والمزني والليث بن سعد إن نوى إقامة خمسة عشر يومًا أتم وإن نوى أقل قصر. مستدلين بما أخرجه الطحاوي عن ابن عباس وابن عمر كما تقدم. وبما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناده عن مجاهد أن ابن عمر كان إذا أجمع إقامة خمسة عشر يومًا أتم الصلاة.

وبما أخرجه محمد بن الحسن بإسناد عن ابن عمر قال إذا كنت مسافرًا فوطنت نفسك على إقامة خمسة عشر يومًا فأتمم الصلاة وإن كنت لا تدرى فاقصر

(وقال) الأوزاعي وعبد الله بن عبد الله بن عتبة وابن عمر في رواية عنه إذا نوى إقامة اثنى عشر يومًا أتم (وقال) الحسن بن صالح إذا عزم على إقامة عشرة أيام أتم الصلاة

(وروى) عن أنس وإسحاق بن راهويه أنه يقصر أبدًا حتى يدخل وطنه أو بلدًا له فيه أهل أو مال. وروى ذلك عن ابن عمر أيضًا. وقال ربيعة إن نوى إقامة يوم وليلة أتم

(وقال) أحمد إذا عزم المسافر على أن يقيم اثنتين وعشرين صلاة أو أكثر يتم وإن نوى أقل من ذلك قصر. وهو قريب من قول مالك والشافعي إلا أنه رأى التحديد بالصلوات أحوط. واحتج بحديث ابن عباس وجابر أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله

<<  <  ج: ص:  >  >>