للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو الميت وأن الميت والمحتضر ينتفعان بالقراءة إذا قصد بها وجه الله تعالى على خلاف يأتي بيانه في "باب ما يقول إذا زار القبور أو مر بها" وكذا ينتفع بالدعاء والصدقه باتفاق.

والأصل في ذلك أنه يجوز للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره حيًا أو ميتًا عند جمهور أهل السنة منهم أبو حنيفة وأحمد سواء أكان العمل صلاة أو صومًا أو حجًا أو صدقة أو قراءة قرآن أو غير ذلك ويصل الثواب للميت وينفعه من غير أن ينقص من أجر العامل شيء لحديث ابن عمر مرفوعًا "إذا تصدق أحدكم بصدقة تطوعًا فليجعلها عن أبويه فيكون لهما أجرهما ولا ينقص من أجره شيء" رواه الطبراني والبيهقي في الشعب.

وعن أنس أنه قال. يا رسول الله إنا نتصدق عن موتانا ونحج عنهم وندعو لهم فهل يصل ذلك إليهم؟ فقال نعم: إنه ليصل إليهم ويفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا أهدى إليه. رواه أبو حفص العكبري.

وروى الدارقطني أن رجلًا سأل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال: كان لي أبوان أبرهما حال حياتهما فكيف لي ببرهما بعد موتهما؟ فقال له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: إن من البر بعد الموت أن تصلي لهما مع صلاتك وتصوم لهما مع صيامك.

وعن أبي هريرة أن رجلًا قال للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن أبي مات ولم يوص أينفعه أن اتصدق عنه؟ قال نعم رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه. والأحاديث في ذلك كثيرة. وقد أمر الله تعالى بالدعاء للوالدين في قوله (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا) وأخبر باستغفار الملائكة للمؤمنين قال تعالى (والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض) وقال "الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون به للذين امنوا" الآية فهذه الأدلة تفيد القطع بحصول الانتفاع بعمل الغير.

ولا ينافيه قوله تعالى (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) لأن المؤمن إذا عمل خيرًا وقصد به أخاه المؤمن وصل إليه بسبب إيمانه فكأنه من عمله وأيضًا فإن الآية مخصوصة بغير ما دلت عليه الأدلة السابقة من أن الإنسان ينتفع بعمل غيره من دعاء وصلاة وصدقه وقراءة قرآن. وعن عكرمة أن الآية خاصة بقوم موسى وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام: أما هذه الأمة فالواحد منها ينتفع بعمل غيره لما تقدم ولحديث ابن عباس أن رجلًا قال للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن اختي نذرت أن تحج وأنها ماتت فقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لو كان عليها دين أكنت قاضية عنها؟ قال نعم قال فاقض دين الله تعالى فهو أحق بالقضاء. رواه البخاري ومسلم, وحديث "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقه جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

وقيل المراد بالإنسان الكافر أي ليس له من الخير إلا ما عمل هو فيثاب عليه في الدنيا بالتوسعة في رزقه والعافية في بدنه وليس له في الآخرة شيء

<<  <  ج: ص:  >  >>