للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: إن في الجنة نهرا يقال له رجب ماؤه الرحيق من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدا, أعده الله لصوام رجب (ومنها) ما ذكره أبو شامة عن أبي الخطاب الحافظ عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة من صام السابع والعشرين من رجب كتب الله له صيام ستين شهرا وهو أول يوم نزل فيه جبريل على محمد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالرسالة (ومن) الأحاديث الضعيفة ما رواه البيهقي عن أنس موقوفا: إن لله في الجنة نهرا يقال له رجب ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل من صام يوما من رجب سقاه الله من ذلك النهر (وفي هذه) الأحاديث كلها مقال ولا يصح منها شيء وحكى ابن السبكي عن محمد بن منصور السمعاني أنه قال لم يرد في استحباب صوم رجب على الخصوص سنة ثابتة, والأحاديث التي تروى فيه واهية لا يفرح بها عالم اهـ قال ابن حجر في كتابه "تبيين العجب بما ورد في فضل رجب" لم يرد في فضله ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معين ولا في قيام ليلة مخصوصة منه حديث صحيح يصلح للحجة. وقال النووي في شرح حديث الباب: الظاهر أن مراد سعيد بن جبير بهذا الاستدلال أنه لا نهى عنه ولا ندب فيه لعينه بل له حكم باقي الشهور ولم يثبت في صوم رجب نهى ولا ندب لعينه. ولكن أصل الصوم مندوب إليه. وفي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ندب إلى الصوم من الشهر الحرم ورجب أحدها اهـ وقال أبو شامة ذكر الشيخ أبو الخطاب في كتاب "أداء ما وجب من بيان وضع الوضاعين في رجب" عن المؤتمن بن أحمد الساجي الحافظ قال: كان الإمام عبد الله الأنصاري شيخ خراسان لا يصوم رجب وينهى عن ذلك ويقول. ما صح في فضل رجب ولا في صيامه عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم شيء. وقد رويت كراهة صومه عن جماعة من الصحابة منهم أبو بكر وعمر وكان عمر يضرب بالدرة صوامه اهـ ثم نقل عن الطرطوشي أنه قال: يكره صيام رجب على أحد ثلاثة أوجه أحدها إذا خصه المسلمون بالصوم في كل عام ظن العوام ومن لا معرفة له بالشريعة مع ظهور صيامه أنه فرض كرمضان أو أنه سنة ثابتة خصه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كالسنن الراتبة "أو أن الصوم" فيه مخصوص بفضل ثواب على سائر الشهور جار مجرى عاشوراء وفضل آخر الليل على أوله في الصلاة "فيكون" من باب الفضائل لا من باب السنن والفرائض, ولو كان من باب الفضائل لسنه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أو فعله مرة في العمر كما فعل في يوم عاشوراء وفي الثلث الغابر من الليل, ولما لم يفعل بطل كونه مخصوصا بالفضيلة ولا هو فرض ولا سنة باتفاق, فلم يبق لتخصيصه بالصيام وجه فكره صيامه والدوام عليه حذرا من أن يلحق بالفرائض والسنن الراتبة عند العوام, فإن أحبّ أن يصومه على وجه تؤمن فيه الذريعة وانتشار الأمر حتى لا يعد فرضا ولا سنة فلا بأس بذلك اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>