للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من محمَّد رسول الله إلى معاذ بن جبل سلام عليكم فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو "أما بعد" فأعظم الله لك الأجر وألهمك الصبر ورزقنا وإياك الشكر فإن أنفسنا وأمولنا وأهلينا وأولادنا من مواهب الله عَزَّ وَجَلَّ الهنيئة وعواريه المستودعة متع بها إلى أجل معدود ويقبضها لوقت معلوم ثم افترض علينا الشكر إذا أعطى والصبر إذا ابتلى فكان ابنك من مواهب الله الهنيئة وعواريه المستودعه متعك به في غبطة وسرور وقبضه منك بأجر كثير الصلاة والرحمة والهدى إن احتسبت فاصبر ولا يحبط جزعك أجرك فتندم, واعلم أن الجزع لا يرد شيئًا ولا يدفع حزنًا وما هو نازل فكان والسلام.

ومنها ما رواه الإمام أحمد أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عزى رجلًا فقال له رحمك الله وآجرك:

ومنها ما ورد في تعزية الملائكة للصحابة في النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. فقد روى الحاكم وحسنه من حديث جابر بن عبد الله قال: لما توفي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم جاءتهم الملائكة يسمعون الحس ولا يرون الشخص قالت: السلام عليكم ورحمه الله إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفًا من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا إنما المحروم من حرم الثواب والسلام عليكم ورحمه الله. وروى الشافعي في مسنده نحوه.

وروى الحاكم أيضًا من حديث أنس قال لما قبض رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أحدق به أصحابه فبكوا حوله واجتمعوا فدخل رجل أصهب اللحية "فيها حمرة" جسيم صبيح فتخطى رقابهم فبكى ثم التفت إلى أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال: إن في الله عزاء من كل مصيبة وعوضًا من كل فائت وخلفًا من كل هالك فإلى الله فأنيبوا وإليه فارغبوا ونظرة اليكم في البلاء فانظروا فإنما المصاب من لم يجبر وانصرف فقال بعضهم لبعض تعرفون الرجل؟ قال أبو بكر وعلي نعم هذا أخو رسول الله الخضر

وقد ذكر الفقهاء في ذلك عبارات. منها آجركم الله في مصيبتكم وأعقبكم الله خيرًا منها إنا لله وإنا إليه راجعون.

ومنها أعظم الله أجرك وجبر مصيبتك وأحسن عزاءك عنها وأعقبك عقبًا نافعًا لدنياك وآخرتك. ومنها أعظم الله أجرك وأحسن عقابك وغفر لمتوفاك.

ومنها أعظم الله أجرك على مصيبتك وأحسن عزاءك عنها وعقباك منها غفر الله لميتك ورحمة وجعل ما خرج إليه خيرًا مما خرج منه.

واختلفوا في وقت التعزية. فذهبت المالكية والحنفية وأحمد وجمهور الشافعية إلى استحبابها قبل الدفن وبعده بثلاث أيام وتكره بعدها لأن المقصود تسكين قلب المصاب والغالب سكونه بعد الثلاثة فلا يجدد له الحزن وقد جعل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الثلاثة نهاية الحزن حيث قال "لا يحل لامرأه تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاثه أيام إلا على زوج أربعه أشهر وعشرًا" رواه البخاري. واستثنوا من ذلك ما إذا كان المعزي أو المعزى غائبًا فتبقى التعزية له إلى قدومه. قال الطبري والظاهر امتدادها بعد قدومه

<<  <  ج: ص:  >  >>