للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(والقرية) كل مكان اتصلت به الأبنية سواء أكانت من أحجار أم أخشاب أم طين أم غيرها واتخذت

قرارًا لا يظعنون عنها صيفًا ولا شتاءً إلا لحاجة وتطلق على البلدة الصغيرة وقد تطلق على المدن

(وفي هذا) دلالة على صحة إقامة الجمعة في القري (وقد اختلف) في الموضع الذي تقام فيه الجمعة

فذهبت الشافعية والحنابلة إلى أنها تقام في كل قرية فيها أربعون رجلًا أحرارا بالغين عقلاء

مقيمين بها لا ينتقلون عنها إلا لحاجة سواء أكان بناء تلك القرية من حجر أم خشب أم قصب

أم طين أم غيرها بشرط أن تكون أبنيتها مجتمعة عرفًا (وقالت المالكية) تقام في العصر والقرية

أما العصر فلا خلاف فيه وكذا القرية عن كانت بيوتها متصلة وطرقها في وسطها وفيها سوق

ومسجد يجمع فيه للصلوات كان لهم وال أم لا. واستدلوا بحديث الباب لكن لا دلالة فيه على

هذا كله. وقالت الحنفية) لا تقام إلا في المصر. واختلفوا في المراد بها فقال أبو حنفية هي كل

بلدة فيها سكك وأسواق ولها توابع ووال ينصف المظلوم وعالم يرجع عليه وهو الأصح عندهم

واختار الكرخي وأبو يوسف أن العصر كل موضع له أمير وقاض ينفذ الأحكام ويقيم الحدود

(واستدلوا) على اشتراط المصر بما رواه عبد الرزاق في مصنفه عن على مرفوعًا لا جمعة ولا

تشريق إلا في مصر جامع قال في النيل وقد ضعف أحمد رفعه وصحح ابن حزم وقفه وللاجتهاد

فيه مسرح فلا ينتهض للاحتجاج به. وقد روى ابن أبي شيبة وصححه ابن خزيمة عن عمر

أنه كتب إلى أهل البحرين أن جمعوا حيثما كنتم وهذا يشمل المدن والقري. وروى البيهقي

عن الليث بن سعد أن أهل مصر وسواحلها كانوا يجمعون على عهد عمر وعثمان بأمرهما وفيهما

رجال من الصحابة. وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر بإسناد صحيح أنه كان يري أهل المياه بين

مكة والمدينة يجمعون فلا يعتب عليهم. وذكر ابن المنذر عن ابن عمر أيضًا أنه كان يري على أهل

المناهل والمياه أنهم يجمعون (ويؤيد) عدم اشتراط العصر حديث طارق بن شهاب المتقدم فإنه

لم يقيد فيه الوجوب بذلك. وكذا حديث الباب فإن القرية في الأصل هي البلدة الصغيرة. وكذا

ما رواه الدارقطني من حديث أم عبد الله الدوسية وإن كان فيه مقال قالت قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الجمعة واجبة على أهل كل قرية وإن لم يكونوا إلا ثلاثة ورابعهم إمامهم. ويؤيد ذلك ما رواه ابن سعد وأهل السير أنه صلى الله عليه وسلم صلى الجمعة في بطن الوادي اهـ كلام النيل ببعض تصرّف

(واختلف) الفقهاء أيضًا في اشتراط المسجد لصلاة الجمعة (فذهب) الهادي إلى اشتراطه وقال لأن الجمعة لم تقم إلا فيه (وبه قالت) المالكية وقالوا يشترط فيه أن يكون مبنيًا بناءً معتادًا لأهل البلد وأن يكون متحدًا فلو تعدد فالجمعة للعتيق وهو الذي أقيمت فيه الجمعة أولًا وإن تأخر بناؤه ما لم يهاجر العتيق أو يكون التعدد لحاجة أو يحكم حاكم بصحتها في الجديد وإلا صحت ومن الحاجة المبيحة للتعدد ضيق العتيق عمن يحضر لصلاة الجمعة ولو كان حضوره مندوبًا

<<  <  ج: ص:  >  >>