أي عمهم المطر وغمرهم يقال مطر مطبق. أي عام. وعرّف السماء لقصد التعميم وبيان أنه غمام
مطبق أخذ بآفاق السماء إجابة لدعوة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم.
(فقه الحديث) دل الحديث على مشروعية الدعاء في الاستسقاء وعلى جواز التجاء المرءوس
للرءيس ولا سيّما عند الحاجة. وعلى كمال رأفة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأمته
حيث بالغ في الدعاء في هذه الحالة، وعلى عظم منزلته عند ربه، وعلى سعة رحمة الله تعالى بعبادة
حيث رفع عنهم ما حل بهم (والحديث) أخرجه الحاكم والبيهقي.
(ص) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ أَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ نَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- كَانَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ إِلاَّ فِي الاِسْتِسْقَاءِ فَإِنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ.
(ش) (سعيد) بن أبي عروبة تقدم في الجزء الأول صفحة ٦٩
(قوله كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء الخ) ظاهرة عدم رفع اليدين حال الدعاء إلا في الاستسقاء. لكنه معارض بالأحاديث الكثيرة الواردة في رفع اليدين في الدعاء في غير الاستسقاء
(منها) ما أخرجه الحاكم في الأدب المفرد عن أبي هريرة قال قدم الطفيل بن عمرو على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال إن دوسًا عصت فادع الله عليها فاستقبل القبلة ورفع يديه فقال اللهم اهد دوسًا
(ومنها) ما أخرجه الترمذي من حديث عمر قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل فأنزل الله عليه يومًا ثم سرى عنه فاستقبل القبلة ورفع يديه ودعا
(ومنها) ما أخرجه النسائي من حديث أسامة قال كنت ردف النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعرفات فرفع يديه يدعو فمالت به ناقته فسقط خطامها فتناوله بيده وهو رافع اليد الأخرى
(وقد أفرد) البخاري رفع الأيدي في الدعاء بترجمة في كتاب الدعوات وساق فيها عدة أحاديث وصنف المنذري في ذلك جزء. أو قال النووي هي أكثر من أن تحصر قد جمعت منها نحوًا من ثلاثين حديثًا من الصحيحين ويجمع بين حديث الباب وبين هذه الأحاديث بأن أنسًا أراد أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان لا يرفع يديه رفعًا يبالغ فيه إلا في الاستسقاء لما في الجدب من عموم الحاجة. أما في غير الاستسقاء فكان يرفع يديه رفعًا دون ذلك. أو يجمع بينهما بأن النفي في حديث أنس متوجه إلى نفي صفة رفع اليدين في الاستسقاء من جعل بطونهما مما يلي الأرض وظهورهما إلى السماء كما في الرواية الآتية. ولا يعكر على هذا أنه جاء في بعض روايات رفع اليدين فيغير الاستسقاء أنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض أبطيه لأن رؤية البياض في الاستسقاء