للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصفقوا لما كبر في نفوسهم واستعظموه من تقدم أبى بكر إمامًا بحضرته صلى الله عليه وآله وسلم وقوله وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة لمزيد خشوعه واستغراقه في مناجاة وللنهى عن الالتفات فيها ولأنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد. وقوله فلما أكثر الناس التصفيق يريد أنه لما صفق منهم العدد الكثير التفت أبو بكر لينظر ما أوجب تصفيقهم فرأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعلم أن التصفيق من أجله

(ويؤخذ منه) أن الالتفات اليسير في الصلاة لحاجة لا يبطلها لأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم ينكر على أبي بكر التفاته. وقد التفت صلى الله عليه وآله وسلم لحاجه كما في قصة الفارس الذي أرسله للحراسة وتقدم بيانه

(قوله فأشار إليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم) لعل إشارته كانت حين أخذ أبو بكر في التأخر

(قوله فرفع أبو بكر يديه فحمد الله الخ) ظاهره أنه تلفظ بالحمد لكن في رواية الحميدي عن سفيان فرفع أبو بكر رأسه إلى السماء شكرًا لله ورجع القهقرى

(وادعى) ابن الجوزي أنه أشار بالشكر والحمد بيده ولم يتكلم. وليس في رواية الحميدي هذه ما يمنع من أنه تلفظ بالحمد. وتقوّيه رواية أحمد عن أبي حازم يا أبا بكر لم رفعت يديك وما منعك أن تثبت حين أشرف إليك قال رفعت يدىّ لأنى حمدت الله عزّ وجل على ما رأيت منك أي مما فضله به صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من إرادة الاستمرار على الإمامة

(قوله ثم استأخر أبو بكر الخ) أي تأخر من غير استدبار للقبلة ولا انحراف عنها حتى وقف في الصف الذي يليه وتقدم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

(وفيه جواز) صلاة واحدة بإمامين أحدهما بعد الآخر من غير عذر وأن الإِمام الراتب إذا غاب وأمّ نائبه القوم وحضر الراتب خير بين أن يأتمّ به أو يؤمّ هو ويرجع النائب مأمومًا من غير أن يقطع الصلاة ولا تبطل صلاة المأمومين (وإلى ذلك) ذهبت الشافعية في المشهور عنهم وابن القاسم من المالكية وقال في إمام أحدث فاستخلف ثم أتى فأخر المستخلف وأتمّ هو الصلاة إن ذلك ماض (واستدل) بفعل أبى بكر هذا (ونقل) ابن عبد البرّ عن الجمهور أن ذلك من خصائصه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لأنه لا يساويه أحد في المأمومين ولأن الله تعالى أمر أن لا يتقدم أحد بين يديه وهذا على عمومه في الصلاة والفتوى والأمور كلها. ولأن فضيلة الصلاة خلفه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يدركها أحد وأما سائر الناس فلا ضرورة بهم إلى ذلك لأن الأول والثاني سواء ما لم يكن عذر

(قوله ما منعك أن تثبت إذ أمرتك) يعني أن تثبت على إمامتك إذ أشرت إليك (وفيه دلالة) على أن الإشارة تقوم مقام اللفظ حيث سماها صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمرًا وعاتبه على مخالفته فيها

(وفيه دلالة) أيضًا على أن أبا بكر لو مضى بهم على صلاته لجاز ويكون محلّ النهى عن المتقدم بين يديه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما لم يأذن به

(قوله ما كان لابن أبي قحافة الخ) يعني ما كان ينبغي لابن

<<  <  ج: ص:  >  >>