مسلم عن أبي ذرّ مرفوعا من طريق شيبان بن فروخ عن سليمان بن المغيرة
(قوله وقالا عن سليمان) أى قال عبد السلام وابن كثير في روايتهما عن سليمان قال أبو ذر يقطع صلاة الرجل الخ فهو على روايتهما موقوف. ورواه أحمد في مسنده من طريق بهز عن سليمان موقوفا على أبي ذر
(قوله يقطع صلاة الرجل الخ) أى يبطلها أو يقلل ثوابها مرور واحد من المذكورات إذا لم يكن بين يدى المصلى قدر مؤخرة الرحل. والمراد أن محل قطع الصلاة بمرور واحد من هذه المذكورات إذا لم يتخذ المصلى سترة ومرت قريبا منه وليس المراد خصوص قدر مؤخرة الرحل بل المراد اتخاذ السترة ولو أقل من مؤخرة الرحل لما تقدّم من جواز اتخاذ الخط والسهم سترة عند عدم غيرهما. وذكر الرجل لا مفهوم له بل المرأة كذلك لأن النساء شقائق الرجال (وفي هذا الحديث) دلالة على بطلان صلاة من لا سترة له بمرور واحد من هذه الأشياء بين يديه وإلى ذلك ذهب جماعة من الصحابة والتابعين منهم أبو هريرة وأنس وابن عمر والحسن البصرى وأبو الأحوص وبه قالت الظاهرية وقالوا سواء أكان الكلب حيا أم ميتا مارا أم غير مار صغيرا أم كبيرا وكذا المرأة إلا أن تكون مضطجعة (وقالت) طائفة لا يقطع الصلاة مرور شئ وهو قول على وعثمان وابن المسيب وعبيدة والشعبى ومالك وعروة والثورى والشافعى والحنفية أخذا بما سيأتى للمصنف عن أبى سعيد الخدرى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا يقطع الصلاة شيء وادرءوا ما استطعتم فإنما هو شيطان (وأجابوا) عن حديث الباب بأن المراد بقطع الصلاة قطعها عن الخشوع والذكر للشغل بتلك الأشياء والالتفات إليها لا أنها تفسد الصلاة (قال) النووى وهذا أصح الأجوبة وأحسنها وأجاب به الشافعى والخطابي والمحققون من الفقهاء والمحدثين وهو الذى نعتمده. وأما ما يدعيه أصحابنا وغيرهم من النسخ فليس بمقبول إذ لا دليل عليه ولا يلزم من كون حديث ابن عباس في حجة الوداع وهى في آخر الأمر أن يكون ناسخا إذ يمكن كون أحاديث القطع بعده وقد علم وتقرر في الأصول أن مثل هذا لا يكون ناسخا مع أنه لو احتمل النسخ لكان الجمع بين الأحاديث مقدّما عليه إذ ليس فيه ردّ شيء منها اهـ وحديث ابن عباس الذى أشار إليه سيأتى للمصنف (وقال أحمد) يقطع الصلاة الكلب الأسود وفي نفسى من المرأة والحمار شيء. أما الحمار فلحديث ابن عباس. وأما المرأة فلحديث عائشة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلى من الليل وهى معترضة بين يديه فإذا سجد غمز رجليها فكفتهما فإذ اقام بسطتهما قال فلو كانت الصلاة يقطعها مرور المرأة لقطعها اضطجاعها بين يديه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
(قوله فقلت ما بال الأسود الخ) أى قال عبد الله بن الصامت لأبى ذر ما شأن الأسود يقطع الصلاة دون غيره فقال الكلب الأسود شيطان (وحمله بعضهم) على ظاهره وقال إن الشيطان يتصور بصورة الكلاب السود. وقيل سمى شيطانا لأنه أشدّ ضررا