المسح على الخفين لا يجوز إلا أن يلبسا على كمال الطهارة وهذا بالإجماع ولكن كمال الطهارة شرط وقت اللبس أو وقت الحدث. فعند أصحابنا وقت الحدث حتى لو غسل رجليه ولبس خفيه ثم أكمل الطهارة ثم أحدث يجزئه المسح وبه قال الثورى ويحيى بن آدم والمزني وأبو ثور وداود (وقال) الشافعى ومالك وأحمد لا يجوز لأن كمال الطهارة شرط عندهم وقت اللبس (وقال) الخطابى في تعليل هذه المسألة وذلك أنه جعل طهارة القدمين معا قبل لبس الخفين شرطا لجواز المسح عليهما وعلة لذلك، والحكم المعلق بشرط لا يصح إلا بوجود شرطه "قلت" سلمنا أن الحكم المعلق بشرط لا يصح إلا بوجود شرطه ولكن لا نسلم أنه عليه الصلاة والسلام شرط كمال الطهارة وقت اللبس لأنه لا يفهم من نص الحديث، غاية ما في الباب أنه أخبر أنه لبسهما وقدماه كانتا طاهرتين فأخذنا من هذا اشتراط الطهارة لأجل جواز المسح سواء أكانت الطهارة حاصلة وقت اللبس أم وقت الحدث، وتقييده بوقت اللبس أمر زائد لا يفهم من العبارة اهـ (واشترط) الفقهاء للمسح على الخفين شروطا غير ما ذكر، وهى أن تكون الطهارة مائية لا ترابية وأن يكون الخفّ طاهرا لا نجسا، وأن يمكن تتابع المشى فيه عادة (وقيدته) الحنفية بالفرسخ والشافعية بمسافة القصر وأن يكون ساترا لمحلّ الفرض (واشترطت) المالكية شروطا أخر أن يكون جلدا، وأن يكون مخروزا، وأن لا يكون مترفها بلبسه لخوف على حناء برجليه أو لمجرّد النوم أو لكونه حاكما، وأن لا يكون عاصيا بلبسه كمحرم بحج أو عمرة ولم يضطرّ للبسه بخلاف المضطرّ والمرأة، وأما المعصوب ففيه خلاف عندهم (واستظهر) إجزاء المسح عليه لأن التحريم في الغصب لم يرد على خصوص لبسه بل في أصل مطلق الاستيلاء عليه، وأما نهى المحرم فوارد على خصوص لبس المحيط والوارد على الخصوص أشدّ (وزادت) الحنابلة أيضا شروطا أن يكون ثابتا ولو بزرّ وإلا فلا يصح المسح عليه، قالوا لأن الرخصة وردت في الخفّ المعتاد وما لا يثبت بنفسه ليس في معناه فلا يصح المسح على ما يسقط لفوات شرطه، وأن يكون مباحا لأن المسح رخصة فلا تستباح بالمعصية فلا يصح المسح على مغصوب ولا حرير ولو في ضرورة كمن هو في بلد ثلج وخاف على نفسه سقوط بعض أصابعه يخلع المغصوب والحرير فلا يصح المسح عليه لأنه منهىّ عنه في الأصل وهذه ضرورة نادرة وأن لا يكون واصفا للقدم لصفائه كالزجاح الرقيق لأنه غير ساتر لمحل الفرض وكذا ما يصف البشرة لخفته لا يصح المسح عليه كالجورب الخفيف، وأن لا يكون واسعا يرى منه بعض محل الفرض (وزادت) الحنفية أيضا أن يبقى من مقدّم القدم قدر المفروض وهو قدر ثلاثة أصابع من أصغر أصابع اليد فإذا قطعت رجله فوق الكعب صح مسح خفّ الأخرى وإن قطعت تحت الكعب ولم يبق من مقدّم القدم قدر المفروض لا يصح مسح خفّ الأخرى لأن ما بقي من المقطوعة فرضه الغسل ولا يجمع بين غسل ومسح، وشرطوا أيضا إمساكه على الرجل بلا شدّ