للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما فوقها ويفيد بمفهومه إباحة السفر فيما دونها. وهذا المفهوم معارض بالروايات المفيدة بمنطوقها نهى المرأة عن السفر فيما دون الثلاث، فالعمل بها مقدم على ذلك المفهوم. وإن كانت رواية النهى عن الثلاث متقدمة على بقية الروايات؛ فهى تفيد أيضا بمفهومها إباحة السفر فيما دون الثلاث بدون زوج أو محرم. وأفادت الروايات الأخر بمنطوقها إبطال ذلك المفهوم، فعلى كل سواء تقدمت رواية النهى عن الثلاث أو تأخرت، فمفهومها معارض بمنطوق الروايات الأخر فهى مقدمة عليها ولا نسخ فى المسألة أصلا (قال) ابن حزم أما قول أبى حنيفة في التحديد الذى ذكره فلا نعلم له سلفا من الصحابة ولا من التابعين رضى الله تعالى عنهم أجمعين. وقد احتج هو وأصحابه على ذلك بقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: لا تسافر امرأة ثلاثا إلا مع زوج أو ذى محرم. وقالوا قد روى أيضا ليلتين. وذكر بقية الروايات الواردة في تحديد سفر المرأة ثم قال: قالوا ونحن على يقين من تحريم سفرها ثلاثا. وعلى شك من تحريم سفرها أقل من ذلك لأنه قد يكون ذكر الثلاث متقدما، وقد يكون متأخرا. فالثلاث على كل حال محرم عليها سفرها إلا مع زوج أو ذى محرم. فنأخذ ما لا شك فيه وندع ما فيه الشك قال: ولا حجة لهم غير هذا أصلا وهو عليهم لا لهم بوجهين (أحدهما) أنه ليس صواب العمل ما ذكروا؛ لأنه إن كان خبر الثلاث متقدما أو متأخرا، فليس فيه إن تقدم إبطال لحكم النهى عن سفرها أقل من ثلاث، لكن النهى عن الثلاث بعض ما فى سائر الروايات، وسائر الروايات زائدة على النهى عن الثلاث. وليس هذا مكان نسخ أصلا بل كل تلك الأخبار حق يجب استعمالها وليس بعضها مخالفا لبعض أصلا ويقال لهم خبر ابن عباس عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "لا تسافر المرأة إلا مع ذى محرم" جامع لكل سفر. وهذا الخبر لا اضطراب فيه بخلاف رواية النهى عن الثلاث وغيرها، فإنها مضطرب فيها عن أبى سعيد وأبى هريرة وابن عمر. فروى عن أبى سعيد لا تسافر فوق ثلاث وروى عنه لا تسافر يومين. وروى عن ابن عمر لا تسافر ثلاثا. وروى عنه لا تسافر فوق ثلاث وروى عن أبى هريرة لا تسافر ثلاثا. وروى عنه لا تسافر يوما وليلة. وروى عنه لا تسافر يوما قال: وعهدنا بكم أنكم تذمون الأخبار بالاضطراب وتحتجون بما لم يضطرب فيه. فعلى أصلكم هذا يلزمكم أن تحتجوا برواية ابن عباس المطلقة التى لا اضطراب فيها، وتتركوا ما عداها مما هو مضطرب فيه (الوجه الثانى) أنه قد روى عن ابن عمر وأبى سعيد وأبى هريرة "لا تسافر المرأة فوق ثلاث" كما ذكر فى الأخبار، فامنعوها مما زاد على مسيرة ثلاث لأنه اليقين وأبيحوا لها سفر الثلاث لأنه مشكوك فيه كسفر اليومين واليوم والبريد وهذا ما لا مخلص لهم منه اهـ "وقالت" المالكية لا يجوز للمرأة أن تسافر يوما وليلة إلا إذا كان معها محرم أو رفقة مأمونة رجالا كانوا أو نساء وسواء أكانت المرأة شابة أم هرمة وسواء أكان المحرم بالغا أم صبيا مميزا، لما رواه

<<  <  ج: ص:  >  >>