الدنيا, وقراءه أهل الجنة كتسبيح الملائكة لا تشغلهم عن مستلذاتهم بل هي من أعظم مستلذاتهم ويؤخذ منه أنه لا ينال هذا الثواب العظيم إلا من حفظه القرآن واتقن قراءته
(قوله فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها) وفي نسخه فإن منزلتك, وهي رواية الترمذي أي أن منزلتك في الجنة تكون عند آخر آية تقرؤها فإن قرأت كل القرآن ذلك أعلى الدرجات, وإلا على قدر قراءتك وقيل هو كناية عن دوام الترقي: فكما أن قراءته في الدنيا حال الختام تستدعي الافتتاح الذي لا انقطاع له كذلك تكون هذه القراءة والترقي في المنازل التي لا تتناهى
(وفي الحديث) دلالة على الترغيب في حفظ القرآن أحاديث.
منها ما أخرجه الحاكم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (يجيء يوم القيامة القرآن كالرجل الشاب فيقول لصاحبه أنا الذي اسهرت ليلك واظمأت نهارك)
ومنها ما رواه البخاري (من قرأ القرآن ثم مات قبل أن يستظهره (يحفظه) أتاه ملك يعلمه في قبره ويلقى الله وقد استظهره)
ومنها ما أخرجه ابن ماجه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (تعلموا القرآن واقرءوه ولا ترقدوا, فإن مثل القرآن ومن تعلمه فقام به كمثل جراب محشو مسكًا يفوح ريحه في كل مكان, ومثل من تعلمه فرقد وهو في جوفه كمثل جراب أوكئ على مسك) والمراد من حديث الباب وأشباهه أن نيل هذه الدرجات يكون لمن يحفظ القرآن ويرتله ويتدبر معانيه ويعمل على مقتضاه, واستكمال ذلك إنما يكون للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم الملائكة بعده على حسب مراتبهم ومنازلهم في الدين ومعرفة اليقين, فكل منهم يقرأ في الجنة ما كان يقرؤه في الدنيا ويتدبره ويعمل على مقتضاه. أما من قرأ القرآن ولم يعمل به فكأنه لم يقرأه وإن قرأه دائمًا, بل يكون القرآن حجه عليه قال تعالى (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب) وتقدم في (باب ثواب قراءة القرآن) أحاديث أخر تدل على الترغيب في حفظ القرآن وتلاوته
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والنسائي والبيهقي والترمذي وقال حديث حسن صحيح , ورواه ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة اقرأ واصعد فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه.
(ص) حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ نَا جَرِيرٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا عَنْ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ كَانَ يَمُدُّ مَدًّا.
(ش) (جرير) بن حازم
(قوله سألت أنسًا عن قراءة النبي الخ) أي سألته عن كيفية قراءته