يخرج إلى رحبة المسجد وهى من المسجد. وقال القاضى إن كان عليها حائط وباب فهى كالمسجد لأنها منه وتابعة له. وإن لم تكن محوطة لم يثبت لها حكم المسجد. فكأنه جمع بين الروايتين وحملهما على اختلاف الحالين. فإن خرج إلى منارة خارج المسجد للأذان بطل اعتكافه. قال أبو الخطاب ويحتمل ألا يبطل لأن منارة المسجد كالمتصلة به اهـ وقال النووى فى شرح المهذب: قد ذكرنا أنّ المنارة التى فى رحبة المسجد يجوز للمؤذن وغيره صعودها ولا يبطل الاعتكاف بذلك. نص عليه الشافعى واتفق الأصحاب عليه. ومن المهم بيان حقيقة هذه الرحبة. قال صاحب الشامل والبيان: المراد بالرحبة ما كان مضافا إلى المسجد محجرا عليه. قالوا والرحبة من المسجد. قال صاحب البيان وغيره: وقد نص الشافعى على صحة الاعتكاف فى الرحبة. قال القاضى أبو الطيب فى المجرد قال الشافعى: يصح الاعتكاف فى رحاب المسجد لأنها من المسجد. وقال المحاملى فى المجموع: للمنارة أربعة أحوال (إحداها) أن تكون مبنية داخل المسجد فيستحب الأذان فيها لأنه طاعة (الثانية) أن تكون خارج المسجد إلا أنها فى رحبة المسجد, فالحكم فيها كالحكم لو كانت فى المسجد لأن رحبة المسجد من المسجد, ولو اعتكف فيها صح اعتكافه (الثالثة) أن تكون خارج المسجد وليست فى رحبته إلا أنها متصلة ببناء المسجد ولها باب إلى المسجد, فله أن يؤذن فيها لأنها متصلة بالمسجد ومن جملته (الرابعة) أن تكون خارج المسجد غير متصلة به ففيها خلاف اهـ وقال ابن قدامة فى المغنى: يستحب للمعتكف التشاغل بالصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى ونحو ذلك من الطاعات المحضة. ويجتنب ما لا يعنيه من الأقوال والأفعال ولا يكثر الكلام لأن من كثر كلامه كثر سقطه وفى الحديث "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" ويجتنب الجدال والمراء والسباب والفحش, فإن ذلك مكروه فى غير الاعتكاف ففيه أولى. ولا يبطل الاعتكاف بشيء من ذلك لأنه لما لم يبطل بمباح الكلام لم يبطل بمحظوره. ولا بأس بالكلام لحاجته ومحادثة غيره, فإن صفية زوج النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت. الحديث. وقال على رضى الله عنه: أيما رجل اعتكف فلا يسب ولا يرفث فى الحديث ويأمر أهله بالحاجة أى وهو يمشى ولا يجلس عندهم. رواه الإمام أحمد. فأما إقراء القرآن وتدريس العلم ودرسه ومناظرة الفقهاء ومجالستهم وكتابة الحديث ونحو ذلك مما يتعدى نفعه, فأكثر أصحابنا على أنه لا يستحب حال الاعتكاف وهو ظاهر كلام أحمد. وقال أبو الحسن الآمدى فى استحباب ذلك روايتان. واختار أبو الخطاب أنه مستحب إذا قصد به طاعة الله تعالى لا المباهاة. وهذا مذهب الشافعى لأن ذلك أفضل العبادات ونفعه يتعدى, فكان أولى من تركه كالصلاة. واحتج أصحابنا بأن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يعتكف فلم ينقل عنه الاشتغال بغير العبادات المختصة به