قال سألنا عليًا رضي الله عنه عن تطوع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالنهار فقال لنا ومن يطيقه فقلنا حدثناه نطيق منه ما أطقنا قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يمهل إذا صلى الفجر حتى إذا ارتفعت الشمس فكان مقدارها من العصر قام فصلى ركعتين "الحديث" ومراده أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي ركعتي الضحى ومقدار ارتفاع الشمس من جهة المشرق كمقدار ارتفاعها من جهة المغرب عند صلاة العصر. وحكى النووي في الروضة أن وقتها يدخل بطلوع الشمس لكن يستحب تأخيرها إلى ارتفاعها. والأفضل تأخيرها حتى يمضي ربع النهار لما رواه الطبراني من حديث زيد بن أرقم أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم مر بأهل قباء وهم يصلون الضحى حين أشرقت الشمس فقال صلاة الأوّابين إذا رمضت الفصال "أي حميت الرمل فتبرك الفصال لشدة حرها" وهو يدل على جواز صلاة الضحى عند الإشراق لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينههم عن ذلك ولكن أعلم أن التأخير إلى شدة الحر أفضل
(الثالثة) في حكمها وقد اختلف فيه على أقوال.
فقيل كانت واجبة عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. ويرده حديث عائشة الأخير ونحوه.
والصحيح أنها سنة في حقه وحق أمته لأحاديث الباب وهو قول الجهور.
وقيل إنها لا تشرع إلا لسبب. وتقدم ردّه.
وقيل لا تستحب مطلقًا. وهو مردود أيضًا بالأحاديث.
وذهب بعضهم إلى أن الأفضل عدم المواظبة عليها بل تفعل تارة وتترك تارة أخرى لما تقدم من حديث أبي سعيد الخدري عند الترمذي من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلي الضحى أحيانًا ويدعها أحيانًا. وردّ بأنه كان يحب العمل ويتركه مخافة أن يفرض على أمته. وقد رغب في المواظبة عليها كما تقدم في الأحاديث. ولما جاء عن أبي هريرة أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال من حافظ على شفعة الضحى غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر رواه ابن ماجه. وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إن في الجنة بابًا يقال له باب الضحى فإذا كان يوم القيامة نادى المنادي أين الذين كانوا يديمون صلاة الضحى هذا بابكم فادخلوه برحمة الله. رواه الطبراني في الأوسط
"وقيل إنها بدعة" وهو قول الهادي والقاسم وأبي طالب. مستدلين بما روى عن أنس أنه سئل عن صلاة الضحى فقال الصلوات خمس. وعن أبي بكرة أنه رأى ناسًا يصلون الضحى فقال ما صلاها رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا عامة أصحابه. وروى الشعبي عن قيس بن عبيد قال كنت أختلف إلى ابن مسعود فما رأيته مصليًا الضحى. وروى شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف أنه كان لا يصلي الضحى "وردّ بأن" الأحاديث الواردة في إثباتها قد بلغت مبلغًا لا تقصر معه عن اقتضاء تأكدها. أما ما رواه البخاري من طريق مورّق قال قلت لابن عمر أتصلي الضحى قال لا قلت فعمر قال لا قلت فأبو بكر قال لا قلت فالنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا أخاله