مع الماء ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرّت خطايا رجليه من أنامله مع الماء فإن هو قام فصلى فحمد الله وأثنى عليه ومجده بالذى هو له أهل وفرّغ قلبه لله إلا انصرف من خطيئته كهيئة يوم ولدته أمه فقال أبو أمامة يا عمرو بن عبسة انظر ما تقول في مقام واحد يعطى هذا الرجل فقال عمرو يا أبا أمامة لقد كبرت سني ورقّ عظمي واقترب أجلي وما بي حاجة أن أكذب على الله ولا على رسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلا مرة أو مرتين أو ثلاثًا حتى عد سبع مرات ما حدثت به أبدًا ولكن سمعته أكثر من ذلك
(قوله قال العباس هكذ احدثني أبو سلام الخ) غرض العباس به بيان أنه بذل جهده في نقل الحديث على ما هو عليه فكأنه يقول حدثني أبو سلام عن أبي أمامة الباهلي بهذا الحديث كما حدثت به مع التحري فإن تبين فيه شيء من الخطأ فليس مقصودًا إلي وأطلب من الله المغفرة وقبول التوبة. وليس المراد أنه شاك فيما نقله.
(والحديث) يدل على النهي عن التنفل بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وترتفع قدر رمح ووقت الاستواء حتى نزول وبعد صلاة العصر حتى تغيب الشمس فهذه ثلاثة أوقات لكنها خمسة تفصيلًا باعتبار تفاوت النهي فيها فإنه في وقت طلوع الشمس ووقت غروبها أشد منه في الأوقات الثلاثة الأخر. وهذه الأوقات الخمسة باعتبار متعلق النهي قسمان
"أحدهما" ما يتعلق فيه النهي بفعل المصلى الصلاة وذلك بعد صلاة الصبح وصلاة العصر فإذا صلى فريضته في هذين الوقتين فهو منهي عن التنفل بعدها. وتقدم في الحديث السابق بيان مذاهب العلماء في ذلك
"ثانيهما" ما يتعلق النهي فيه بالوقت وهو وقت الطلوع إلى الارتفاع ووقت الاستواء ووقت الغروب
(وقد اختلف) العلماء في حكم الصلاة في هذه الأوقات الثلاثة فقال أبو حنيفة وأصحابه لا تصح في هذه الأوقات صلاة مطلقًا مفروضة أو واجبة أو نافلة قضاء أو أداء. مستدلين بعموم النهي عن الصلاة في هذه الأوقات بناء على أن النهي يقتضي الفساد. واستثنوا من ذلك عصر اليوم لحديث أبي هريرة مرفوعًا من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر رواه الشيخان وتقدم للمصنف بصفحة ٣٣٠ من الجزء الثالث فيصح أداؤه وقت الغروب لأنه أداه كما وجب ويكره تحريمًا تأخيره إلى هذا الوقت. واستثنوا أيضًا صلاة الجنازة إن حضرت في وقت من هذه الأوقات فإنها تصل فيها بلا كراهة لحديث عليّ مرفوعًا ثلاث لا يؤخرن الصلاة إذا أتت والجنازة إذا حضرت والأيمّ إذا وجدت كفؤا رواه الحاكم والترمذي وقال غريب ليس بمتصل. ولما سيأتي للمصنف في باب التعجيل بالجنازة عن الحصين بن وحوح أن طلحة بن البراء مرض فأتاه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يعوده فقال إني لأرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت فآذنوني به وعجلوا فإنه